تدفق ال | |
|
| أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 1:42 pm | |
| | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 1:47 pm | |
| التربية الإيمانية
أهداف التربية الاسلاميه للاطفال ضرورة تعليم العقيدة للناشئة لكـنَّ الله يَـرانـي كيف أرسخ حب النبي في قلب ولدي؟ أطفالنا وحب الله عز وجل أطفالنا وحب الرسول صلى الله عليه وسلم أطفالنا وحب الإسلام التربية العليا على محبة الله حتى نعمر بيوتنا بالإيمان التربية الدينية للأطفال الطفل وأركان الإسلام .. الشهادتين مع الـطـفـل والقـرآن الكـريـم منهج لتربية أطفالنا من القرآن والسنة أطفالنا في رحاب الإسلام أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي
| |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 1:50 pm | |
| أهداف التربية الاسلاميه للاطفال
أهداف التربية الاسلاميه للاطفال
احمد سمير
الفصل الأول : ترسيخ العقيدة وتحقيق العبودية في كل أمر من أمور الحياة يُعد هذا الهدف أهم أهداف التربية الإسلامية وكل الأهداف تنبثق منه ، وقد جبل الله- عز وجل- النفوس على التوحيد ولكنها تحتاج أن تتعلم أصول الإيمان وجزيئاته ، وأصْلَحُ أوقات غرس العقيدة السنواتُ الأولى في حياة الطفل؛ لأنه يصغي إلى المربي بكل جوارحه ، ويقبلها دون نقاش كما أن خياله الواسع يساعده على تخيل الجنّة والنار وأهوال القيامة والملائكة وعالم الجن وغيرها مما يتصور .
* وهناك عدة وسائل لتحقيق وغرس العقيدة وهي : 1- ترسيخ العقيدة الصحيحة عن طريق التلقين : أولُ ما يلقّن الطفل كلمة التوحيد ، إذ أن السلف يعلمون الطفل في أول حياته كلمة التوحيد ، ويؤذِّنون في أذنيه عند ولادته ، ليكون أول ما يقرع سمعه . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله ثم يُعَلّم القرآن "وَتَعَلُّمُ الصِّبيان القرآن أصل من أصول الإسلام ، فينشئون على الفطرة ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكّن الأهواء منها" وهو خير من تعليم الجدل والفلسفة وقد يسر الله تعالى حفظ القرآن ، وإن الصبي ليحفظ منه كثيراً بقليل من الجهد ولو حاول حفظ غيره من العلوم لقضى في ذلك أضعاف ما يقضيه في حفظ القرآن ثم إن قصاره تشتمل على أصول الإيمان فيبدأ الطفل بحفظها وتدبر معانيها . ثم مع حفظ القرآن يُعَلَّم السيرة النبوية والمغازي وسير الصحابة والتابعين وحكايات الأبرار والصالحين كما على المربي أن يحدث الطفل عن حقائق الإيمان ويجيب على أسئلته بصدق ، مهتدياً بالرسول صلى الله عليه وسلم حين حدّث ابن عمر - رضي الله عنهما- فقال : يا غلام احفظ الله يحفظك . . . وقد كان الصغار يحضرون الجمعة والجماعات ويسمعون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعلى المربي أن يحدّث الطفل عن الجنة والنار ، ويصفها بأوصاف يفهمها الطفل فيتخيلها ، ويرسخ في ذهنه وجودهما .
2- ترسيخ العقيدة عن طريق تعليمه الأذكار : وليس المراد فقط أن يحفظ أذكار الأحوال والمناسبات من أكل وشرب ونوم ويقظة ، بل يعلمه الدعاء وطلب الحاجة من الله ، وإذا مشى في الظلام علِّمه ذكر الله والاستئناس به ، والتسمية عند الفزع ، والدعاء عند المرض ، حتى يتعلم الاستغاثة ، ويعلمه الرُّقية الشرعية والتوكل على الله وطلب الحاجة منه وحده .
3- ترسيخ العقيدة عن طريق التدبر : بأن يلفت نظر الطفل إلى مظاهر الكون وارتباطها بالتوحيد ، وهذا الربط يشعر الطفل بالتوازن النفسي ، ويحس بأنه جزء من أجزاء الكون المتناسقة ويبين له أن هذا الكون بكل ما فيه يسبَح لله ، ويرشده إلى التسبيح ليكون مع الركب المسبّح . كما أن المربي يستطيع تعليم الطفل صفات الله عز وجل وأسمائه عن طريق التدبر في جمال الكون وعظمة الطبيعة ونظامها "واعلم أن ما ذكرناه . . . ينبغي أن يقدم للطفل في أول نشوئه ليُحفظ حفظاً ، ثم لا يزال ينكشف له معناه في كبره شيئَاَ فشيئاً ، فابتداؤه الحفظ ثم الفهم ثم الاعتقاد والإيمان والتصديق به ، وذلك مما يحصل في الصبي بغير برهان "
4- حمايته من الشرك ووسائله : فإن بعض الناس يلفت نظر الطفل إلى رقابة الناس والاستخفاء ببعض الأمور ، ويجعل الطفل مهتمّاً برضا الناس خائفاً من سخطهم ، ويتكرر هذا حتى يغلب على مراقبة الله والاهتمام برضاه والخوف من سخطه ، فيتعلم الرياء ، ويعمل طلباً لرضا الناس وإن غابوا عنه لم يعمل أي عمل ، أو يعمل عادةً دون ابتغاء الأجر من الله
الفصل الثاني : التنشئة على العبادات القلبية والبدنية والأخلاق الفاضلة يسعى المربي الناجح إلى تنشئة ولده على العبادات ليضمن تعلقه بالدين وليحفظه من الانحراف ، ومن الخطأ أن نهمل الطفل ثم نلزمه بالتكاليف الشرعية بعد بلوغه ، وقد ذكر العلماء أن تعليم المميِّز الصلاة لا لوجوبها عليه ولكن ليتعود عليها حتى إذا بلغ الحُلم كانت الصلاة يسيرة عليه وتعلق قلبه بها ولم يقدر على تركها . والصلاة أهمُّ عبادة قلبية بدنية يجب تعويد الطفل عليها ، فإن كان ذكراً أمرَ بالصلاة مع الجماعة وهو ابن سبع سنين ، ويؤمر بها إلى أن يبلغَ العشر ، فإذا بلغ العشر وترك الصلاة عوقب بالضرب . وعلى الأب أن يأمر أولاده بالصلاة إذا دخل وقتها ، ويذكرهم بالله ويرغَبهم ويخوفهم ثم يدعوهم إلى الوضوء ويأخذهم معه إلى المسجد أو يشترط عليهم أن يراهم قريباً منه . ويجب أن يلزمهم بكل ما يُشترط لصحة الصلاة من طهارة وخشوع وستر عورة وغيرها وقد يكره بعض المميزين الصلاة في المسجد ؛ لأن والده يأخذه إلى المسجد مبكراً فينتظر عشر دقائق أو أكثر ، وهو يسمع أصوات الأطفال في الخارج ، ويؤمر بالجلوس وقراءة القرآن وهو الصبي المحب للحركة ، والوسط خير ، فإذا كان عمره أقل من الثالثة عشر عاماً فإنه يؤمر بالصلاة ويشترط والده أن يصلي قريبَا منه ويترك له الحرية في التبكير أو التأخير إلى وقت إقامة الصلاة ، وإذا كان بلغ الثالثة عشر فالواجب أن يأخذه منذ أن يؤذن أو يتركه يأتي بمفرده إلا أنه يجب أن يحرص على التأكد من حضوره للصلاة . كما عليه أن يعودهم على العبادات المختلفة اهتداءً بمن سلف ، فقد كان الصحابة- رضوان الله عليهم- يصوِّمون أولادهم ويعطونهم اللعب ليتلهَّوا عن الجوع ، ويصلون معهم الجمعة والتراويح والعيدين ، ويؤذنون ، ويحجون معهم ، كل ذلك على سبيل التدريب والتعليم وأفضل الوسائل للتعويد على العبادات مكافأة الصبي وترغيبه وتشجيعه على الإكثار من العبادات على منهج وسط ، ويرغَّب في الثواب الأخروي ، يربط بالقدوة الأول صلى الله عليه وسلم ، ولكن ينبغي الحذر من الإكثار من مكافأته حتى لا يرتبط بالهدايا ، بل يرتبط باللّه سبحانه وتعالى ، ومع استمرار العبادات يوجه الطفل إلى الخشوع وإحسان العمل وتصحيحه من الخطأ . وأما التنشئة على الأخلاق الفاضلة فهي جزء من الدين ، لأن المسلم إنما يتحلى بالخُلق ابتغاء الجزاء من الله سبحانه
والتنشئة الخلقية تحتاج إلى مراحل هي : (1) غرس العادات في مرحلة مبكرة فإن الطفل "ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حر وغضب ولجاج وخفة مع هواه ، وطيش وحدّة وجشع ، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك " ومما يعين على جعل الطفل ذا طبيعة هادئة مراعاة حاجاته الفطرية ، فيرضع في وقت طلبه لأن التأخير الشديد يجعله متوتراً ، وعدم قطعه من الرضاعة حتى يرتوي ، فكثرة الانقطاع عن الرضاعة والقيام عنه مرات يجعله سريع الانفعال ، وملاعبته حتى في أيامه الأولى يجعله متزناً وكذلك تنويمه في الوقت الذي يريد في بداية الأمر ، وإذا بكى الطفل من الجوع أو المرض يترك قليلاً ليتعود الصبر ، وإذا طلب شيئَاَ قريباً منه أرشد إلى خدمة نفسه ليتعود الجد والاعتماد على النفس ، وإذا شاهد فقيراً بين له المربي حاله ليرحمه ويشفق عليه ، فيتعلم الرحمة والتواضع ، وهكذا يمكن للمربي أن يعوده على الفضائل في السنوات الخمس الأول . (2) إلزامه الأحكام والآداب الشرعية كآداب الطعام واللباس والاستئذان والنوم وكافة الآداب التي وردت ، ويكون هذا التعويد في السنوات الأولى ، ويمنعه من مفسدات الأخلاق ، ومن المعاصي ، وإن أكبر ما يفسدها أشعار الغزل والأغاني إذ تبذرُ فيه بذرة الفساد ، ويُلحق بها الروايات والقصص الغرامية والأفلام المفسدة ، ويجب أن يحرص الوالدان على حماية أبنائهم من رؤية ما يخدش الحياء سواءً في وسائل الإعلام أو في البيت ، فتكون علاقتهما الجنسية في غاية السرية لأن الطفل الصغير الذي ينام مع والديه يرى من الأمور ما يجعله يقلد والديه تقليداً بريئاً ، فإذا زجره المربي عن تلك الحركات أحس أنها خطأ يستخفي به الأبوان ولذا كان أحد الصحابة يخرج الرضيع من الحجرة إذا أراد أهله . 3 (3) ويجب أن يجنبه لبس الحرير- إذا كان ذكراً- والذهب والتنعم لأن ذلك يعوده على فعل الحرام والتشبه بالنساء ويمنع من قص الشعر تشبهاً وكذلك الصبيَّة تمنع من التشبه بالرجال أو الكفار ، وهذا باب واسع ، والأصل فيه إلزام الطفل بكل حلال ومنعه من كل حرام ، ويأثم وليه بتمكينه من المعاصي دون الصبي وقد يقول قائل إنك تلزم ولدك بالشرع ثم ما يلبث أن يشتد عوده فيترك ما كان يفعله خوفاً منك أو احتراماً لك ، فنقول ليس شرطاً أن يحدث ذلك ، ثم إن إلزام المربي ولده بذلك هو واجبه الذي أمر الله به ، وقد يكون الإلزام بذلك بدايةً للتعود ثم يصبح الطفل رجلا عاقلا ذا دين يفعل ما أمر به ابتغاء الثواب ، وهب أنه ترك كل ما ألزمه به المربي فإنه تكون الذمة قد برئت منه . (4) حثه على مكارم الأخلاق مع ربه أولاً ، ثم مع الناس والحيوان والجماد ؛ لأن الأخلاق تشمل ذلك كله وهذا الحث يجب أن يكون بالتلقين وتكوين العاطفة التي تدفع إلى التطبيق ابتغاء الأجر ، وتقوية إرادته ليقدر على قهر الهوى وضبط النفس فيقال : إن الصدق خلق حسن ، يقود صاحبه إلى الخير ، ويُحكى له قصص الصادقين وجزاءهم في الدنيا والآخرة ، وبهذا يحب الصدق وتتكون لديه عاطفة تدفعه للصدق ، ولابد أن يتسلح بالإرادة والعزيمة . | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 1:55 pm | |
| (( ضرورة تعليم العقيدة للناشئة))
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد: فإن حاجتنا إلى العقيدة فوق كل حاجة، وضرورتنا إليها فوق كل ضرورة ، لأنه لا سعادة للقلوب ، ولا نعيم ، ولا سرور إلا بأن تعبد ربها وفاطرها تعالى . ولقد أرسل الله رسله جميعاً بالدعوة إلى التوحيد قال تعالى [ولَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ][النحل :36] ويقرر الله سبحانه وتعالى أيضاً هذه الحقيقة ويؤكدها ، ويكررها في قصة كل رسول على وجه الانفراد[ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ][المؤمنون : 23] [ وإلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ ] [الأعراف : 65] وهي الكلمة نفسها التي تكررت على لسان صالح وشعيب وموسى وعيسى- عليهم الصلاة والسلام- ، حتى أصبحت قاعدة عامة : [ ومَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إلاَّ نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ أَنَا فَاعْبدُونِ ] [الأنبياء : 25] فالتوحيد مفتاح دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وهو أول ما يدخل به المرء في الإسلام ، وأخر ما يخرج به من الدنيا ، فهو أول واجب وآخر واجب . ولقد أمضى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حياته في الدعوة إلى هذه العقيدة وجاهد أعدائه من أجلها قال صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ...) (رواه الشيخان) بل وأرسل رسله وأمرهم أن يبدءوا بالدعوة إلى العقيدة قبل كل شيء كما في قصة معاذ بن جبل- رضي الله عنه -عندما بعثه إلى اليمن : قال إنك تأتى قوماً أهل كتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه : عبادة الله وحده ، فإن هم أطاعوا لذلك ....) (أخرجه الشيخان) وإن من الصور الظاهرة في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى العقيدة حرصه على دعوة الأطفال إليها وغرسه لها في قلوبهم وتعليمه صلى الله عليه وسلم العقيدة لهم بأسلوب واضح ومناسب وكذلك سار أصحابه رضي الله عنهم من بعده على هذا وقد راجعت عدداً من كتب السنة والسيرة مراجعة أولية فوجدت شواهد كثيرة جداً لذلك أشرت إلى شيء منها في أهمية الموضوع وسوف أقوم إن شاء الله بجرد عدد من هذه الكتب وأستخرج ما فيها مما له علاقة بهذا الموضوع . بل و لقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بأمر العقيدة في مرحلة متقدمة جداً من مراحل الطفولة وهي مرحلة الولادة, كما في حديث التأذين في أذن المولود , قال ابن القيم (رحمه الله) في بيان سر ذلك : (وسر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها.... وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان كما كانت فطرة الله التي فطر عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها) (1)
ولذلك فمن الواجب على الأمة جميعاً وعلى الآباء والأمهات والمعلمين أن يسعو بجد لتقريب هذه العقيدة للناشئة خصوصاً في هذا الزمان الذي كثرة فيه فتن الشبهات وفتن الشهوات وكثر فيه دعاة الظلال وتنوعت أساليبهم ومناهجهم لذلك يجب على المربين والمصلحين أن يغرسوا في قلوبهم الناشئة حب هذه العقيدة والثبات عليها في كل أحوالهم ولعلي من خلال النقاط التالية أذكر بإيجاز شيء مما يبين ضرورة تعليم العقيدة للناشئة وشدة حاجة الأمة لذلك مع سرد بعض النماذج من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم فمن ما يبين أهمية هذا الموضوع :
1- أن الاهتمام بتعليم العقيدة للناس ودعوتهم لها ولاسيما الصغار هو منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمصلحين من بعدهم ومن ذلك قوله تعالى عن نوح في دعوته لولده وتحذيره من مصاحبة أهل الضلال ( يَا بَنِيَّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ) وكذلك يقول تعالى عن إبراهيم حين وصى بها أبناءه (ووَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ) وفي أول وصايا لقمان لأبنه تحذيره له من الشرك قال تعالى (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوصي ابن عباس رضي الله عنهما فيقول ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ........... ). 2- أن في العناية بعقيدة الصغار إقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا يخفى أن الإقتداء به عبادة لله عز وجل وسبب للتوفيق للحكمة, قال سعيد بن إسماعيل الزاهد: ( من أقر السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة, ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة, لأن الله يقول: (وإن تطيعوه تهدوا)(2) 3- تعليم العقيدة رأس العلوم وأساسها ، فإذا تعلم الطفل العقيدة وغرست في قلبه وفق المنهج النبوي فالعبادات وسائر فروع الدين تأتي بالتبع 4- ما نراه من إهمال بعض الآباء تعليم أولادهم أمور دينهم وأهمها أمر العقيدة بحجة أنهم مازالوا صغار فإذا كبروا لم يستطيعوا تعليمهم, كما أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله حيث قال : ( فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه, وتركه سدا فقد أساء غاية الإساءة, وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه, فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم,ولم ينفعوا آباءهم كباراً)(3) 5- أن الاهتمام بتعليم الأطفال وتنشئتهم على الاعتقاد الصحيح هو سبب حماية الأمة بإذن الله من الزيغ والضلال ولذلك لما قال رجل للأعمش (رحمه الله) هؤلاء الغلمان حولك ؟! قال : اسكت هؤلاء يحفظون عليك أمر دينك .(4) 6- كثرة البرامج الموجهة للأطفال في وسائل الإعلام (المرئية والمسموعة والمقروءة) والتي يهدف كثير منها إلى غرس عقائد فاسدة في نفوس الأطفال يقابل ذلك إهمال تعليمهم العقيدة السليمة ولذلك تتأصل في نفوسهم هذه العقائد الباطلة . 7- وجود خطر عظيم على عقائد الأطفال من بعض الخادمات الموجودة في المنازل والتي تسعى لمحاربة ما عند الأطفال من فطر سليمة وتغذيهم بعقائد فاسدة حتى تتأصل هذه العقائد في نفوس أولئك الناشئة في حال غياب الرقيب المدرك لخطورة ذلك الأمر. 8 - ما أوصى به عدد من العلماء والباحثين من وجوب الاعتناء بأمر الصغار وتعليمهم العقيدة والتركيز عليها بالأسلوب المناسب ومنهم على سبيل المثال : أ) الإمام ابن القيم (رحمه الله) في تحفة المولود حيث قال عن الأطفال : (فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا ) (5) ب) الإمام/ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله) في مقدمة كتابه تعليم الصبيان التوحيد حيث قال ( فهذه رسالة نافعة. فيما يجب على الإنسان أن يعلم الصبيان قبل تعلمهم القرآن ) وغيرهم كثير (6) 9- أن تعليم العقيدة الصحيحة للصغير أفضل وأسهل في قبولها من تعليمه بعد ذلك لأنها موافقة للفطرة التي فطر عليها ولم يصل إليها ما يدنسها من أفكار مخالفة ولأن التعليم في الصغر ليس كالتعليم في الكبر إذ الكبير تكثر عنده الشواغل والصوارف وقد قيل في الحكمة (التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.... ) أن الاهتمام بتربية النشء على عقيدة صحيحة واضحة سبب عظيم في عصمته من الفتن والانحرافات في حياته المستقبلية والواقع يشهد لهذا فيمن نشأ على عقيدة سلفية بسلامته من مظاهر الانحراف ( الشرك أو البدع أو الفتن) 11- الخلط الواقع عند كثير من الباحثين في علوم التربية بل والخطاء العظيم في هذا الباب حيث زعم بعضهم أن تعليم العقيدة لا يناسب عقول الصغار ومن ذلك : قول (رو سو) فيما نقل عنه أن الطفل لا يعلم شيئا عن الله حتى يبلغ الثامنة عشر لأن الطفل كما زعم لا يدرك هذه المعاني في هذا العمر.(7) وترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لهؤلاء الباحثين الذين لم تستنر نظرياتهم بنور النبوة وعقيدة الإسلام يساهم في انتشار هذه المبادئ ، وعليه فإن بيان المنهج النبوي في تعليم العقيدة يدحض مثل تلك النظريات ولذا فسوف أسوق في أخر هذا البحث نماذج يسيرة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم تبين كيف كان اهتمامهم بتعليم العقيدة للناشئة في مراحل متقدمة من حياتهم كما أنني عازم إن شاء الله على الكتابة في هذا الموضوع بشكل موسع بعد إكمال استعراضي لكثير من كتب السنة والسيرة ييسر الله لي إتمام ذلك . 12- مما يدل على ضرورة تعليم العقيدة للناشئة أن المخالفين لأهل الإسلام ولأهل السنة خصوصاً يهتمون بغرس العقائد في قلوب أطفالهم ، فاليهود مثلاً يهتمون اهتماماً بالغاً بتعليم أطفالهم عقائدهم ولقد ذكر الإمام ابن القيم (رحمه الله) عنهم أنهم كانوا كثيرا ما يسمون أولادهم ب ( عما نويل ) ومعنى هذه الكلمة إلهنا معنا والرافضة يعلمون أولادهم بغض الصحابة حتى إنهم يخفون لعبة الطفل فإذا طلبها قالوا له أخذها بكير (يعنون أبو بكر رضي الله عنه ) حتى ينشأ الطفل على كره أبي بكر رضي الله عنه .
أخيراً : نماذج من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تبين كيف كان اهتمامه بعقيدة الناشئة وهي نماذج كثيرة منها على سبيل المثال :
1- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة . صحيح البخاري ج3/ص1233
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم كخ كخ ثم قال أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة . صحيح البخاري ج2/ص542 وأنظرشرحه في فتح الباري ج3/ص355
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه .... ) صحيح البخاري ج1/ص456
4- عن أبي موسى رضي الله عنه قال ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم فحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إلي وكان أكبر ولد أبي موسى صحيح البخاري ج5/ص2081
5- عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم وأغلق بابك واذكر اسم الله .....) صحيح البخاري ج3/ص1195
6- عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه يقول كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله .... ) صحيح البخاري ج5/ص2056
7- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ) الترمذي ج4/ص667
8- عن أبي رافع رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة.... ) الترمذي ج4/ص97 وقال هذا حديث حسن صحيح
9- عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر( اللهم اهدني .... وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت ) سنن أبي داود ج2/ص63
10- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك ) الترمذي ج5/ص59
11 - عن معاذ رضي الله عنه قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال .... وأنفق على عيالك من طولك ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله . مسند أحمد بن حنبل ج5/ص238
12- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما أمرني بأمر فتوانيت عنه أو ضيعته فلامني فان لامني أحد من أهل بيته قال دعوه فلو قدر أو قال لو قضي أن يكون كان . مسند أحمد بن حنبل ج3/ص231
13- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات ليلة أو قال يوم فخر فتى مغشيا عليه فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو يتحرك فقال ( يا فتى قل لا إله إلا الله فقالها فبشره بالجنة .... ) المستدرك ج2/ص382
14- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض الغلام فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال ( يا غلام أسلم قل لا إله إلا الله فجعل الغلام ينظر إلى أبيه فقال له أبوه قل ما يقول لك محمد صلى الله عليه وسلم فقال لا إله إلا الله وأسلم فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه صلوا عليه وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ) المستدرك ج4/ص323
15- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صالح نصارى بنى تغلب على أن لا ينصروا الأبناء فإن فعلوا فلا عهد لهم قال علي لو فرغت لقاتلتهم . مصنف عبد الرزاق ج6/ص50
16- عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربى صغيرا حتى يقول لا إله إلا الله لم يحاسبه الله . المعجم الأوسط ج5/ص130
17- عن علي رضي الله عنه قال قال رسو الله صلى الله عليه وسلم أدبوا أولادكم على ثلاث خصال حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القرآن ....) ذكره في كنز العمال ج16/ص189
18- عن ابن عمرو رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفصح أولادكم فعلموهم لا إله إلا الله ثم لا تبالوا متى ماتوا) عمل اليوم والليلة لابن السني ج1/ص373
19- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افتحوا على صبيانكم أول كلمة لا إله إلا الله ولقنوهم عند الموت لا إله إلا الله .... ) شعب الإيمان ج6/ص398
وأما هدي الصحابة رضي الله عنهم في ذلك فكثير ومنه على سبيل المثال 1- عن عمرو بن شعيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان لا يدع يهوديا ولا نصرانيا ينصر ولده ولا يهوده في ملك العرب . مصنف عبد الرزاق ج6/ص48 2- عن كردوس التغلبي قال قدم على عمر رضي الله عنه رجل من تغلب فقال له عمر إنه قد كان لكم نصيب في الجاهلية فخذوا نصيبكم من الإسلام فصالحه على أن أضعف عليهم الجزية ولا ينصروا الأبناء . مصنف عبد الرزاق ج6/ص50 3- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال موضع التميمة من الإنسان والطفل شرك . مصنف ابن أبي شيبة ج5/ص35 4- عن جندب البجلي رضي الله عنه قال كنا فتيانا حزاورة مع نبينا صلى الله عليه وسلم فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا وإنكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان . شعب الإيمان ج1/ص76 5- وهذه أم سليم الرميصاء أم أنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين أسلمت وكان أنس صغيراً ، لم يفطم بعد ، فجعلت تلقن أنساً قل : لا إله إلا الله ، قل أشهد أن لا إله إلا الله ، ففعل ، فيقول لها أبوه : لا تفسدي على ابني فتقول : إني لا أفسده . سير أعلام النبلاء 2/305
هذه بعض الأمثلة وهي كثيرة جداً أسأل الله أن ييسر لي إتمام جمعها وأن ينفع بهذا الموضوع وأن يرد الأمة إليه رداً جميلاً وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
----------------------------------------------------- (1) تحفة المودود ص31 (2) كتاب الجامع للخطيب البغدادي (3) تحفة المودود ص22 (4) الكفاية في علم الرواية ص115 (5) تحفة المودود ص231 (6) من أمثال 1) الدكتور/ عبد العزيز آل عبد اللطيف في كتاب له بعنوان مقرر التوحيد 2) عدنان حسن باحارث في رسالة تكميلية لنيل الماجستير بعنوان (مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة) 3) الدكتورة وفاء العساف – وكيلة مركز دراسات الطالبات في جامعة الإمام ووفاء طيبة - محاضرة بقسم علم النفس كلية التربية جامعة الملك سعود في حوار نشر في موقع لها اون لاين بعنوان (كيف نغرس العقيدة الصحيحة في نفوس الأطفال) 4) خولة درويش في مقال نشر في مجلة البيان ـ العدد 31 ص 86 محرم 1411هـ تحت عنوان(تمثل العقائد في الطفولة) (7) التربية عبرا لتاريخ ص 392 |
(( ضرورة تعليم العقيدة للناشئة))
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد: فإن حاجتنا إلى العقيدة فوق كل حاجة، وضرورتنا إليها فوق كل ضرورة ، لأنه لا سعادة للقلوب ، ولا نعيم ، ولا سرور إلا بأن تعبد ربها وفاطرها تعالى . ولقد أرسل الله رسله جميعاً بالدعوة إلى التوحيد قال تعالى [ولَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ][النحل :36] ويقرر الله سبحانه وتعالى أيضاً هذه الحقيقة ويؤكدها ، ويكررها في قصة كل رسول على وجه الانفراد[ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ][المؤمنون : 23] [ وإلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ ] [الأعراف : 65] وهي الكلمة نفسها التي تكررت على لسان صالح وشعيب وموسى وعيسى- عليهم الصلاة والسلام- ، حتى أصبحت قاعدة عامة : [ ومَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إلاَّ نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ أَنَا فَاعْبدُونِ ] [الأنبياء : 25] فالتوحيد مفتاح دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وهو أول ما يدخل به المرء في الإسلام ، وأخر ما يخرج به من الدنيا ، فهو أول واجب وآخر واجب . ولقد أمضى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حياته في الدعوة إلى هذه العقيدة وجاهد أعدائه من أجلها قال صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ...) (رواه الشيخان) بل وأرسل رسله وأمرهم أن يبدءوا بالدعوة إلى العقيدة قبل كل شيء كما في قصة معاذ بن جبل- رضي الله عنه -عندما بعثه إلى اليمن : قال إنك تأتى قوماً أهل كتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه : عبادة الله وحده ، فإن هم أطاعوا لذلك ....) (أخرجه الشيخان) وإن من الصور الظاهرة في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى العقيدة حرصه على دعوة الأطفال إليها وغرسه لها في قلوبهم وتعليمه صلى الله عليه وسلم العقيدة لهم بأسلوب واضح ومناسب وكذلك سار أصحابه رضي الله عنهم من بعده على هذا وقد راجعت عدداً من كتب السنة والسيرة مراجعة أولية فوجدت شواهد كثيرة جداً لذلك أشرت إلى شيء منها في أهمية الموضوع وسوف أقوم إن شاء الله بجرد عدد من هذه الكتب وأستخرج ما فيها مما له علاقة بهذا الموضوع . بل و لقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بأمر العقيدة في مرحلة متقدمة جداً من مراحل الطفولة وهي مرحلة الولادة, كما في حديث التأذين في أذن المولود , قال ابن القيم (رحمه الله) في بيان سر ذلك : (وسر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها.... وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان كما كانت فطرة الله التي فطر عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها) (1)
ولذلك فمن الواجب على الأمة جميعاً وعلى الآباء والأمهات والمعلمين أن يسعو بجد لتقريب هذه العقيدة للناشئة خصوصاً في هذا الزمان الذي كثرة فيه فتن الشبهات وفتن الشهوات وكثر فيه دعاة الظلال وتنوعت أساليبهم ومناهجهم لذلك يجب على المربين والمصلحين أن يغرسوا في قلوبهم الناشئة حب هذه العقيدة والثبات عليها في كل أحوالهم ولعلي من خلال النقاط التالية أذكر بإيجاز شيء مما يبين ضرورة تعليم العقيدة للناشئة وشدة حاجة الأمة لذلك مع سرد بعض النماذج من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم فمن ما يبين أهمية هذا الموضوع :
1- أن الاهتمام بتعليم العقيدة للناس ودعوتهم لها ولاسيما الصغار هو منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمصلحين من بعدهم ومن ذلك قوله تعالى عن نوح في دعوته لولده وتحذيره من مصاحبة أهل الضلال ( يَا بَنِيَّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ) وكذلك يقول تعالى عن إبراهيم حين وصى بها أبناءه (ووَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ) وفي أول وصايا لقمان لأبنه تحذيره له من الشرك قال تعالى (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوصي ابن عباس رضي الله عنهما فيقول ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ........... ). 2- أن في العناية بعقيدة الصغار إقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا يخفى أن الإقتداء به عبادة لله عز وجل وسبب للتوفيق للحكمة, قال سعيد بن إسماعيل الزاهد: ( من أقر السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة, ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة, لأن الله يقول: (وإن تطيعوه تهدوا)(2) 3- تعليم العقيدة رأس العلوم وأساسها ، فإذا تعلم الطفل العقيدة وغرست في قلبه وفق المنهج النبوي فالعبادات وسائر فروع الدين تأتي بالتبع 4- ما نراه من إهمال بعض الآباء تعليم أولادهم أمور دينهم وأهمها أمر العقيدة بحجة أنهم مازالوا صغار فإذا كبروا لم يستطيعوا تعليمهم, كما أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله حيث قال : ( فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه, وتركه سدا فقد أساء غاية الإساءة, وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه, فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم,ولم ينفعوا آباءهم كباراً)(3) 5- أن الاهتمام بتعليم الأطفال وتنشئتهم على الاعتقاد الصحيح هو سبب حماية الأمة بإذن الله من الزيغ والضلال ولذلك لما قال رجل للأعمش (رحمه الله) هؤلاء الغلمان حولك ؟! قال : اسكت هؤلاء يحفظون عليك أمر دينك .(4) 6- كثرة البرامج الموجهة للأطفال في وسائل الإعلام (المرئية والمسموعة والمقروءة) والتي يهدف كثير منها إلى غرس عقائد فاسدة في نفوس الأطفال يقابل ذلك إهمال تعليمهم العقيدة السليمة ولذلك تتأصل في نفوسهم هذه العقائد الباطلة . 7- وجود خطر عظيم على عقائد الأطفال من بعض الخادمات الموجودة في المنازل والتي تسعى لمحاربة ما عند الأطفال من فطر سليمة وتغذيهم بعقائد فاسدة حتى تتأصل هذه العقائد في نفوس أولئك الناشئة في حال غياب الرقيب المدرك لخطورة ذلك الأمر. 8 - ما أوصى به عدد من العلماء والباحثين من وجوب الاعتناء بأمر الصغار وتعليمهم العقيدة والتركيز عليها بالأسلوب المناسب ومنهم على سبيل المثال : أ) الإمام ابن القيم (رحمه الله) في تحفة المولود حيث قال عن الأطفال : (فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا ) (5) ب) الإمام/ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله) في مقدمة كتابه تعليم الصبيان التوحيد حيث قال ( فهذه رسالة نافعة. فيما يجب على الإنسان أن يعلم الصبيان قبل تعلمهم القرآن ) وغيرهم كثير (6) 9- أن تعليم العقيدة الصحيحة للصغير أفضل وأسهل في قبولها من تعليمه بعد ذلك لأنها موافقة للفطرة التي فطر عليها ولم يصل إليها ما يدنسها من أفكار مخالفة ولأن التعليم في الصغر ليس كالتعليم في الكبر إذ الكبير تكثر عنده الشواغل والصوارف وقد قيل في الحكمة (التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.... ) أن الاهتمام بتربية النشء على عقيدة صحيحة واضحة سبب عظيم في عصمته من الفتن والانحرافات في حياته المستقبلية والواقع يشهد لهذا فيمن نشأ على عقيدة سلفية بسلامته من مظاهر الانحراف ( الشرك أو البدع أو الفتن) 11- الخلط الواقع عند كثير من الباحثين في علوم التربية بل والخطاء العظيم في هذا الباب حيث زعم بعضهم أن تعليم العقيدة لا يناسب عقول الصغار ومن ذلك : قول (رو سو) فيما نقل عنه أن الطفل لا يعلم شيئا عن الله حتى يبلغ الثامنة عشر لأن الطفل كما زعم لا يدرك هذه المعاني في هذا العمر.(7) وترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لهؤلاء الباحثين الذين لم تستنر نظرياتهم بنور النبوة وعقيدة الإسلام يساهم في انتشار هذه المبادئ ، وعليه فإن بيان المنهج النبوي في تعليم العقيدة يدحض مثل تلك النظريات ولذا فسوف أسوق في أخر هذا البحث نماذج يسيرة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم تبين كيف كان اهتمامهم بتعليم العقيدة للناشئة في مراحل متقدمة من حياتهم كما أنني عازم إن شاء الله على الكتابة في هذا الموضوع بشكل موسع بعد إكمال استعراضي لكثير من كتب السنة والسيرة ييسر الله لي إتمام ذلك . 12- مما يدل على ضرورة تعليم العقيدة للناشئة أن المخالفين لأهل الإسلام ولأهل السنة خصوصاً يهتمون بغرس العقائد في قلوب أطفالهم ، فاليهود مثلاً يهتمون اهتماماً بالغاً بتعليم أطفالهم عقائدهم ولقد ذكر الإمام ابن القيم (رحمه الله) عنهم أنهم كانوا كثيرا ما يسمون أولادهم ب ( عما نويل ) ومعنى هذه الكلمة إلهنا معنا والرافضة يعلمون أولادهم بغض الصحابة حتى إنهم يخفون لعبة الطفل فإذا طلبها قالوا له أخذها بكير (يعنون أبو بكر رضي الله عنه ) حتى ينشأ الطفل على كره أبي بكر رضي الله عنه .
أخيراً : نماذج من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تبين كيف كان اهتمامه بعقيدة الناشئة وهي نماذج كثيرة منها على سبيل المثال :
1- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة . صحيح البخاري ج3/ص1233
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم كخ كخ ثم قال أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة . صحيح البخاري ج2/ص542 وأنظرشرحه في فتح الباري ج3/ص355
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه .... ) صحيح البخاري ج1/ص456
4- عن أبي موسى رضي الله عنه قال ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم فحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إلي وكان أكبر ولد أبي موسى صحيح البخاري ج5/ص2081
5- عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم وأغلق بابك واذكر اسم الله .....) صحيح البخاري ج3/ص1195
6- عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه يقول كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله .... ) صحيح البخاري ج5/ص2056
7- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ) الترمذي ج4/ص667
8- عن أبي رافع رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة.... ) الترمذي ج4/ص97 وقال هذا حديث حسن صحيح
9- عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر( اللهم اهدني .... وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت ) سنن أبي داود ج2/ص63
10- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك ) الترمذي ج5/ص59
11 - عن معاذ رضي الله عنه قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال .... وأنفق على عيالك من طولك ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله . مسند أحمد بن حنبل ج5/ص238
12- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما أمرني بأمر فتوانيت عنه أو ضيعته فلامني فان لامني أحد من أهل بيته قال دعوه فلو قدر أو قال لو قضي أن يكون كان . مسند أحمد بن حنبل ج3/ص231
13- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات ليلة أو قال يوم فخر فتى مغشيا عليه فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو يتحرك فقال ( يا فتى قل لا إله إلا الله فقالها فبشره بالجنة .... ) المستدرك ج2/ص382
14- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض الغلام فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال ( يا غلام أسلم قل لا إله إلا الله فجعل الغلام ينظر إلى أبيه فقال له أبوه قل ما يقول لك محمد صلى الله عليه وسلم فقال لا إله إلا الله وأسلم فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه صلوا عليه وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ) المستدرك ج4/ص323
15- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صالح نصارى بنى تغلب على أن لا ينصروا الأبناء فإن فعلوا فلا عهد لهم قال علي لو فرغت لقاتلتهم . مصنف عبد الرزاق ج6/ص50
16- عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربى صغيرا حتى يقول لا إله إلا الله لم يحاسبه الله . المعجم الأوسط ج5/ص130
17- عن علي رضي الله عنه قال قال رسو الله صلى الله عليه وسلم أدبوا أولادكم على ثلاث خصال حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القرآن ....) ذكره في كنز العمال ج16/ص189
18- عن ابن عمرو رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفصح أولادكم فعلموهم لا إله إلا الله ثم لا تبالوا متى ماتوا) عمل اليوم والليلة لابن السني ج1/ص373
19- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افتحوا على صبيانكم أول كلمة لا إله إلا الله ولقنوهم عند الموت لا إله إلا الله .... ) شعب الإيمان ج6/ص398
وأما هدي الصحابة رضي الله عنهم في ذلك فكثير ومنه على سبيل المثال 1- عن عمرو بن شعيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان لا يدع يهوديا ولا نصرانيا ينصر ولده ولا يهوده في ملك العرب . مصنف عبد الرزاق ج6/ص48 2- عن كردوس التغلبي قال قدم على عمر رضي الله عنه رجل من تغلب فقال له عمر إنه قد كان لكم نصيب في الجاهلية فخذوا نصيبكم من الإسلام فصالحه على أن أضعف عليهم الجزية ولا ينصروا الأبناء . مصنف عبد الرزاق ج6/ص50 3- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال موضع التميمة من الإنسان والطفل شرك . مصنف ابن أبي شيبة ج5/ص35 4- عن جندب البجلي رضي الله عنه قال كنا فتيانا حزاورة مع نبينا صلى الله عليه وسلم فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا وإنكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان . شعب الإيمان ج1/ص76 5- وهذه أم سليم الرميصاء أم أنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين أسلمت وكان أنس صغيراً ، لم يفطم بعد ، فجعلت تلقن أنساً قل : لا إله إلا الله ، قل أشهد أن لا إله إلا الله ، ففعل ، فيقول لها أبوه : لا تفسدي على ابني فتقول : إني لا أفسده . سير أعلام النبلاء 2/305
هذه بعض الأمثلة وهي كثيرة جداً أسأل الله أن ييسر لي إتمام جمعها وأن ينفع بهذا الموضوع وأن يرد الأمة إليه رداً جميلاً وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
----------------------------------------------------- (1) تحفة المودود ص31 (2) كتاب الجامع للخطيب البغدادي (3) تحفة المودود ص22 (4) الكفاية في علم الرواية ص115 (5) تحفة المودود ص231 (6) من أمثال 1) الدكتور/ عبد العزيز آل عبد اللطيف في كتاب له بعنوان مقرر التوحيد 2) عدنان حسن باحارث في رسالة تكميلية لنيل الماجستير بعنوان (مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة) 3) الدكتورة وفاء العساف – وكيلة مركز دراسات الطالبات في جامعة الإمام ووفاء طيبة - محاضرة بقسم علم النفس كلية التربية جامعة الملك سعود في حوار نشر في موقع لها اون لاين بعنوان (كيف نغرس العقيدة الصحيحة في نفوس الأطفال) 4) خولة درويش في مقال نشر في مجلة البيان ـ العدد 31 ص 86 محرم 1411هـ تحت عنوان(تمثل العقائد في الطفولة) (7) التربية عبرا لتاريخ ص 392 |
| |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 1:57 pm | |
| لكـنَّ الله يَـرانـي
نسرين بنت محمد حسام الدين الخطيب
قبلَ سنة كان ابني الصَّغيرُ في الخامسة من العُمر، وكنا حديثي عهد بجيران في بنائنا، وكان لهم طفلٌ في نحو سنِّ ولدي، فطلبوا منه الدخولَ عندهم ليلعبَ مع ابنهم، استجبتُ لطلبهم، وسمحتُ لأحمدَ باللعب عندهم، وأوصيتُه ببعض الأمور؛ خشيةَ أن يسبِّبَ لهم إزعاجًا ما، وكان مما أوصيتُه به: أن يلعبَ بهدوء بلا ضَجيج، وألاَّ يطلبَ منهم شيئًا، ولا يأكلَ عندهم طعامًا.
وفي أحد الأيام كان أحمدُ يلعب في دارهم، وحانَ وقت الغداء، ووُضعت المائدة، ودُعي ليُشاركَهُم الطعام ، فاعتذرَ منهم بأدب، وحينما ألحُّوا عليه وأكثَروا، صارحَهُم بالأمر قائلاً: أمي لا تسمَحُ لي، فقال له جارُنا مازحًا: إن أمَّكَ لا تراك الآنَ ؟ فأجابه أحمـدُ بثقة ويقين: لكنَّ الله يَراني .
في صباح اليوم التالي قصَّت عليَّ جارتي الخبر، تملؤها السعادةُ والدهشةُ معًا من موقف رفيق طفلها الجديد!
أجل، إن الأطفالَ كالأرض الخِصْبَة، إذا أُلقيَت فيها البذورُ الصالحة أنبتت نباتًا حَسَنًا، وأخرجَت ثمرًا يانعًا، وإذا تُركَت وأُهملَت نبتت فيها الأشواكُ القبيحة المؤذية.
والتربيةُ السليمةُ تبدأ من لحظة قُدوم الطفل إلى الدنيا؛ فهو كالإسفَنجَة، يمتصُّ كل ما يمرُّ به، بلا تمييز بين غثٍّ وسَمين، ونافع وضار، وهو يتلقَّى ما يدورُ حوله، ولو كان في ظاهره مشغولاً بألعابه وعالمه الخاصِّ؛ لذلك كان أهمَّ وأَولى ما يجبُ أن يُزرعَ في نفس الطفل: محبةُ الله، ومراقبتُه في السرِّ والعَلَن.
ومن المواقف الطَّريفة التي تدلُّ على ذلك، أنني في بعض الأحيان كنت أتجاذبُ مع زوجي الحديثَ عن إخواننا المسلمينَ في فلسطين، وما يتعرَّضون له من إيذاء وظلم من اليهود أعداء الحقِّ والخير لعنَهُم الله، وبدعم من أعوانهم النصارى أخزاهُم الله، وفي أثناء هذه الأحاديث لم نكن نُعير انتباهَنا لغلامنا الصغير، نظنُّه مشغولاً عنا بألعابه وأشيائه.
وذاتَ يوم كنتُ أُصغي إلى تلاوة للقرآن الكريم من المذياع، وفرخي الصغيرُ يلعب بعيدًا عني، في أحد أركان الغُرفة، كان مُنهَمكًا بصُنع بيت من المكعَّبات، وكان حينها ابنَ ثلاث سنينَ ونصف ، وتلا القارئُ فيما تلا قولَه تعالى: { وقالت اليهودُ والنصارى نحنُ أبناءُ الله وأحبَّاؤُه } ، فإذا بأحمدَ ينتفضُ ويصرخ بغضَب: كذبوا كذبوا !! ثم التفتَ إليَّ وقال مُستنكرًا: سمعتِ يا أمي ؟! اليهودُ والنصارى يقولون: إنهم أبناءُ الله وأحبَّاؤُه، كذبوا، هم أعداءُ الله، أليس كذلك ؟!
لم أُجبه، فقد عقَدَت الدهشةُ لساني، وأدرَكتُ أن أطفالنا يملكونَ من القُدُرات ويَعقلونَ من المعاني ما لا نتصوَّرُه، وما علينا إلاَّ أن نقدِّرَ ذلك حقَّ التقدير، ونوليَه العنايةَ اللازمة، وأن نكونَ حذرين في تربيتنا لهم، وسلوكنا معهم، فلا يسمعونَ منا ولا يرَونَ إلا ما يُرضي الله سبحانه.
المصدر : موقع الألوكة |
| |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 1:58 pm | |
| كيف أرسخ حب النبي في قلب ولدي؟ خالد السيد رُوشه
السؤال كيف أرسخ محبة الرسول-صلى الله عليه وسلم- في طفلي؟
الاجابة الحقيقة أن حب النبي _صلى الله عليه وسلم_ هو أصل من أصول هذا الدين ومبدأ من مبادئه لا يستقيم إيمان إنسان بدونه ولا يسع مسلم أن يتجاوزه ولا يصح لمسلم أن يكون متردداً فيه فهي مرتبطة بمحبة الله _سبحانه وتعالى_ إذ إنه – صلى الله عليه وسلم – مبعوثه ورسوله ومصطفاه ومجتباه .. وسؤالك هذا من أهم الأسئلة التي ينبغي على أولياء الأمور والوالدين أن يسألوه وأن يتقنوا فن تطبيقه، وأن يبذلوا جهدهم في الوصول إلى ترسيخ محبة النبي _صلى الله عليه وسلم_ في قلب أبنائهم أجمعين . ولبيان الإجابة عن هذا السؤال يهمنا الوقوف عند عدة نقاط هامة :
أولا : مكانة حب النبي _صلى الله عليه وسلم_ في التشريع الإسلامي الشريف : فقد روى البخاري عن أنس _رضي الله عنه_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال : "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار" . وروى البخاري أيضاً عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال : "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده..." . وفي الصحيح عن عبد الله بن هشام : كنا مع النبي وهو آخذ بيد عمر، فقال عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال: "لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، قال عمر: فإنه الآن، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال: الآن يا عمر". وفي الصحيحين عن أنس _رضي الله عنه_ قال جاء رجل إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: "وماذا أعددت لها" قال: ما أعدت لها كثير عمل إلا أنني أحب الله ورسوله، قال النبي _صلى الله عليه وسلم_: " المرء مع من أحب" يقول أنس: فما فرحنا بشي كفرحنا بقول النبي _صلى الله عليه وسلم_: " المرء مع من أحب" ثم قال: وأنا أحب رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وأبا بكر وعمر، وأرجوا الله أن أحشر معهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم . وقد اقترن حبه _صلى الله عليه وسلم_ بحب الله _تعالى_ في الكثير من الآيات القرآنية،منها قوله _تعالى_:" قُل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانُكم وأزواجُكم وعشيرتُكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشَون كسادَها ومساكنُ ترضونها أحبَّ إليكم من اللهِ ورسولهِ وجهادٍ في سبيلِه فَتربَّصوا حتى يأتي اللهُ بأمرِه واللهُ لا يهدي القومَ الفاسقين" ، و" قُل إن كنتم تحبون اللهَ فاتَّبعوني يحبِبِكُم اللهُ ".
ثانيا : كيف نقدم النبي _صلى الله عليه وسلم_ لأبنائنا ونعرفهم به ؟ ينبغي على الوالدين تقديم النبي _صلى الله عليه وسلم وشخصيته إلى الأبناء مراعين الاعتبارات الآتية : 1- الحرص على بيان شخصية النبي _صلى الله عليه وسلم_ كما بينها القرآن الكريم في قوله _تعالى_: " إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً " فهو المبشر وهو المنذر وهو السراج المنير والمصباح الوضاء الذي به هدى الله العالمين وأخرجهم من الظلمات إلى النور 2- الحرص على بيان جوانب القدوة من شخصيته _صلى الله عليه وسلم_ وشخصيته كلها قدوة، والتأكيد على أنه هو النموذج المرتجى والمثال المأمول لكل من أراد النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة 3- لابد من أن نجيب لأبنائنا على سؤال : لماذا يجب علينا أن نحب النبي _صلى الله عليه وسلم_ ونصل إلى عقولهم بإقناعهم بأن كل عاقل حكيم صالح مؤمن ذكي يجب أن يحب النبي _صلى الله عليه وسلم_ لأنه الذات البشرية التي تسببت في هداية العالمين إلى الهدى والحق والنور والإيمان بفضل الله الحميد المجيد . 4- التأكيد على فضائله _صلى الله عليه وسلم_ ومكانته عند ربه _سبحانه_ ومكانته بين الأنبياء وفضله يوم القيامة ومكانة شفاعته ومقامه في الجنة _صلى الله عليه وسلم_ والتأكيد على بيان معنى قوله في الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه _صلى الله عليه وسلم_ قال : "فُضِّلتُ على الأنبياء بسـت: أُعطيـت جوامـع الكلـم "فهو البليغ الفصيح" ونُصرت بالرعـب وأُحلت لي الغنائم، وجُعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأُرسلت إلى الخلق كافة، وخُتم بي النبيون" 5 –تبيين بشارة الأنبياء السابقين به _صلى الله عليه وسلم_ وحبهم له واستقبالهم إياه في الإسراء والمعراج، وأنه هو النبي الخاتم لهم، وأن شريعته هي الناسخة لشريعتهم والجامعة لفضائلها والشاملة لكل خير وهدى جاء في رسالتهم _صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين_ 6 – التأكيد على بيان معنى الاتباع ومعنى الابتداع بأسلوب مبسط وتكرار ذلك المعنى.
ثالثا : بعض الوسائل التي يمكن اتخاذها لترسيخ حب النبي _صلى الله عليه وسلم_ في نفوس أبنائنا : 1 – حكاية معجزاته _صلى الله عليه وسلم_ . 2- حكاية أخلاقه العظيمة ونصرته للمظلومين وعطفه على الفقراء ووصيته باليتيم. 3- حكاية أخبار رقته _صلى الله عليه وسلم_ ورحمته وبكائه وبأنه هو النبي الوحيد الذي ادَّخر دعوته المستجابة ليوم القيامة كي يشفع بها لأمته،كما جاء في صحيح مسلم:"لكل نبي دعوة مجابة، وكل نبي قد تعجــل دعــوته، وإني اختبأت دعوتي شفــاعة لأمتي يــوم القيامة" ، وهو الذي طالما دعا ربه قائلاً:"يا رب أمتي ، يا رب أمتي" ، وهو الذي سيقف عند الصراط يوم القيامة يدعو لأمته وهم يجتازونه،قائلاًً:" يا رب سلِّم ، يا رب سلِّم" وأنه بكى شوقا إلينا حين كان يجلس مع أصحابه ، فسألوه عن سبب بكاءه، فقال لهم :"اشتقت إلى إخواني"، قالوا :"ألسنا بإخوانك يا رسول الله؟!" قال لهم:"لا"،إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني"!! كما ورد في بعض الآثار التي حسنها بعض العلماء. 4- بيان كيف كان يحبه أصحابه _رضوان الله عليهم_ ويضحون في سبيله وحكاية القصص في ذلك . 5- تحفيظ الأولاد أحاديث النبي _صلى الله عليه وسلم_ وتعليمهم سنته، وبيان كيف أنها تحفظ الإنسان من شياطين الإنس والجن. 6 – فعل الوالدين العملي وطريقتهم التطبيقية في الاقتداء بالنبي _صلى الله عليه وسلم_ والحرص على سنته هي مؤثر من أكبر مؤثرات تربية الأبناء على ذلك، يقول صاحب كتاب (التربية الإسلامية): " إن من السهل تأليف كتاب في التربية، ومن السهل أيضاً تخيل منهج معين، ولكن هذا الكتاب وذلك المنهج يظل ما بهما حبراً على ورق، ما لم يتحول إلى حقيقة واقعة تتحرك ، وما لم يتحول إلى بشر يترجم بسلوكه، وتصرفاته،ومشاعره، وأفكاره مبادئ ذلك المنهج ومعانيه،وعندئذٍ فقط يتحول إلى حقيقة "
رابعاً : ملاحظات هامه أثناء التطبيق : 1- الحرص على الٌإقناع باستخدام المناقشة والسؤال والاستفسار وعدم الاعتماد على أسلوب التلقين وحده . 2- يراعى استخدام أساليب التشويق في حكاية سيرة النبي _صلى الله عليه وسلم_ كما يراعى استخدام الثواب والهدية ومثاله في حالة التكليف بحفظ الأحاديث أو شيء من السنة. 3- التركيز على كيفية إرضاء النبي _صلى الله عليه وسلم_ وثواب ذاك الإرضاء ولقاء النبي _صلى الله عليه وسلم_ يوم القيامة على الحوض والتفريق دائماً في حس الولد بين من يرحب بهم النبي وبين من يقال لهم سحقاً سحقاً. 4- مساعدة الأطفال في الإنتاج الإبداعي فيما يخص حب النبي _صلى الله عليه وسلم_ مثل كتابة الشعر في ذلك والقصة والخطبة والمقالات وتشجيع المسابقات والمنافسات المختلفة في موضوع حب النبي _صلى الله عليه وسلم_.
المصدر : موقع المسلم | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:02 pm | |
| أطفالنا وحب الله عز وجل د . أماني زكريا الرمادي
تمهيد:
سبحان الله العلي العظيم ، والحمد لله رب العالمين - كما ينبغي لجلال وجهه الكريم ، و عظيم سلطانه القديم - ولا إله إلا الله العليم الحكيم ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين المبعوث رحمةً للعالمين وبعد. إن الطفل نبتة صغيرة تنمو ، وتترعرع ، فتصير شجرة مثمرة ، أو وارفة الظلال ...أو قد تصير شجرة شائكة ، أو سامَّة والعياذ بالله. وحتى نربي جيلاً من الأشجار المثمرة ، أو وارفة الظلال ؛ فإنه علينا أن نعتني بهم منذ البداية ، مع التوكل على الله تعالى والاستعانة به في صلاحهم. وما أحوجنا في هذا العصر الذي أصبحت فيه الأمم تتداعى على أمة الإسلام كما تتداعى الأكَلَة على قصعتها- كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم- بأن نربي وننشئ جيلاً قوي الإيمان يثبُت على الحق ، و يحمل لواء الإسلام ، ويدافع عنه بكل طاقته. وفيما يلي تقترح كاتبة هذه السطور أول ما يمكن أن يحقق هذا الهدف النبيل ، ويعين على بلوغ تلك الغاية السامية ، ألا وهو: "مساعدة أطفالنا على حب الله عز وجل"... فما جاء بها من صواب فهو من توفيق الله تعالى وفضله ومَنِّه ، وما كان من خطأ فمن نفسها والشيطان ، والحمد لله أولاً وآخرا.
1- ما هو حب الله؟ هو أن يكون الله تعالى أحب إلى الإنسان من نفسه ، ووالديه ، وكل مايملك.
2- لماذا الأطفال؟ لأن" الطفل هو اللبنة الأولى في المجتمع ، فإذا و ضعناها بشكل سليم كان البناء العام مستقيماً ، مهما ارتفع وتعاظم ؛ كما أن الطفل هو نواة الجيل الصاعد التي تتفرع منها أغصانه وفروعه ... وكما نعتني بسلامة نمو جسمه فيجب أن نهتم بسلامة مشاعره ، ومعنوياته "(1) فإذا حرصنا على ذلك فإن جهودنا سوف تؤتي ثمارها حين يشب الطفل ويحمل لواء دينه- إذا أحب ربه وأخلص العمل له- وإن لم نفعل نراه يعيش ضائعاً بلا هوية - والعياذ بالله - كما نرى الكثير ممن حولنا .
3- لماذا نعلمهم حب الله؟ أ-لأن الله تعالى قال عن الذين يحبونه في الآية رقم (31) من سورة آل عمران: { قُل إن كُنتم تحبون اللهَ فاتَّبعوني يُحِببْكُم اللهُ ، ويَغفر لكم ذنوبَكم ، واللهُ غفورٌ رحيم } . ب- لأن الله جلَّ شأنه هو الذي أوجدنا من عَدَم ، وسوَّى خَلقنا وفضَّلنا على كثير ممَّن خلق تفضيلا ، ومَنَّ علينا بأفضل نعمة وهي الإسلام ، ثم رزقنا من غير أن نستحق ذلك ، ثم هو ذا يعدنا بالجنة جزاءً لأفعال هي من عطاءه وفضله ، فهو المتفضِّل أولاً وآخِرا!!! ج- لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو: ( اللهم اجعل حُبك أحب إلىَّ مِن نفسي ، وأهلي ، ومالي ، وولدي ، ومن الماء البارد على الظمأ ) ، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة. د- لأن الحب يتولد عنه الاحترام والهيبة في ا لسر والعلن ، وما أحوجنا إلى أن يحترم أطفالنا ربهم ويهابونه- بدلاً من أن تكون علاقتهم به قائمة على الخوف من عقابه أو من جهنم- فتكون عبادتهم له متعة روحية يعيشون بها وتحفظهم من الزلل . هـ- لأن الأطفال في الغالب يتعلقون بآبائهم وأمهاتهم -أو مَن يقوم برعايتهم وتربيتهم- أكثر من أي أحد ، مع العلم بأن الآباء ، والأمهات ، والمربين لا يدومون لأطفالهم ، بينما الله تعالى هو الحيُّ القيوم الدائم الباقي الذي لا يموت ، والذي لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم ، فهو معهم أينما كانوا وهو الذي يحفظهم ويرعاهم أكثر من والديهم ... إذن فتعلقهم به وحبهم له يُعد ضرورة ، حتى إذا ما تعرضوا لفقدان الوالدين أو أحدهم عرفوا أن لهم صدراً حانياً ، وعماداً متيناً ، وسنداً قوياً هو الله سبحانه وتعالى. و- لأنهم إذا أحبوا الله عز وجل وعلموا أن القرآن كلامه أحبوا القرآن ، وإذا علموا أن الصلاة لقاء مع الله فرحوا بسماع الأذان ، و حرصوا على الصلاة وخشعوا فيها ، وإذا علموا أن الله جميل يحب الجمال فعلوا كل ما هو جميل وتركوا كل ما هو قبيح ، وإذا علموا أن الله يحب التوابين والمتطهرين ، والمحسنين ، والمتصدقين ، والصابرين ، والمقسطين ، والمتوكلين ، وأن الله مع الصابرين ، وأن الله ولي المتقين ، وأنه وليُّ الذين آمنوا وأن اللهَ يدافع عن الذين آمنوا ...اجتهدوا ليتصفوا بكل هذه الصفات ، ابتغاء مرضاته ، وحبه ، وولايته لهم ، ودفاعه عنهم. أما إذا علموا أن الله لا يحب الخائنين ، ولا الكافرين ، ولا المتكبرين ، ولا المعتدين ، ولا الظالمين ، ولا المفسدين ، وأنه لا يحب كل خَوَّان كفور ، أو من كان مختالاً فخورا ... لابتعدوا قدر استطاعتهم عن كل هذه الصفات حباً في الله ورغبة في إرضاءه. ز- لأنهم إذا أحبوا الله جل وعلا أطاعوا أوامره واجتنبوا نواهيه بطيب نفس ورحابة صدر ؛ وشبُّوا على تفضيل مراده على مرادهم ، و" تقديم كل غال وثمين من أجله ، والتضحية من أجل إرضاءه ، وضبط الشهوات من أجل نيل محبته ، فالمُحب لمن يحب مطيع...أما إذا لم يحبوه شَبُّوا على التفنن في البحث عن الفتاوى الضعيفة من أجل التَفَلُّت من أمره ونهيه"(2) ح- لأن حب الله يعني استشعار أنه عز وجل يرعانا ويحفظنا في كل وقت ومكان ، مما يترتب عليه الشعور بالراحة والاطمئنان والثبات ، وعدم القلق أو الحزن... ومن ثم سلامة النفس والجسد من الأمراض النفسية والعضوية… بل والأهم من ذلك السلامة من المعاصي والآثام ، فعلينا أن نفهمهم أن " مَن كان الله معه ، فمَن عليه؟!!! ومَن كان الله عليه فمَن معه؟!!! ط-لأن هناك نماذج للمسلمين ترى كاتبة هذه السطور أن الحل الجذري لمشكلاتهم هو تجنب تكرارها ، بتربية الطفل منذ نعومة أظفاره على محبة الله تعالى. و من هذه النماذج على سبيل المثال لا الحصر: * الذين يفصِلون الدين عن الدنيا ، ويعتقدون أن الدين مكانه في المسجد ، أو على سجادة الصلاة فقط ، ثم يفعلون بعد ذلك ما يحلو لهم. ** الذين يسيئون الخُلُق داخل بيوت الله- ولا يستثنون من ذلك المسجد الحرام ولا المسجد النبوي!!!- وفي مجالس العلم ، ظانِّين أن التعاملات اليومية والأخلاق لا علاقة لها بالدين. *** الذين يتركون أحد أركان الإسلام مع استطاعتهم - وهي فريضة الحج- بدعوى أنهم ليسوا كبار السن وأن أمامهم حياة طويلة سوف يذنبون فيها ، ولذلك سوف يحجون عندما يتقدم بهم العمر ، ويشيب الشعر ، ليمسحوا كل الذنوب الماضية في مرة واحدة!!! **** اللواتي ترفضن الحجاب بدعوى أن قلوبهن مؤمنة ، وأن صلاح القلوب أهم من المظهر الخارجي ، غافلات -أو متغافلات- عن كونه أمراً من الله تعالى وفرضاً كالصلاة!!! وكذلك الآباء والأمهات والأزواج الذين يعارضون ، بل ويحاربون بناتهم وزوجاتهم في ارتداء الحجاب !!! ***** الذين يعرضون عن مجالس العلم الشرعي ، وكل ما يذكرهم بالله تعالى ، قائلين أن "لبدنك عليك حقا"، وأن"الدين يسر"، و"لا تنس نصيبك من الدنيا"، بينما ينسون نصيبهم من الآخرة!!! ****** الذين ينبهرون بمظاهر الحضارة الغربية ، وبريقها الزائف ، فينفصلون عن دينهم تدريجياً ويظل كل ما يربطهم به هو الاسم المسلم ، أو بيان الديانة في جواز السفر!!! ومنهم الذين تغمرهم هذه المظاهر حتى تصل بهم إلى الردة عن الدين- والعياذ بالله- ويصبح اسم الواحد منهم "ميمي " أو " مايكل " بعد أن كان " محمداً " !!!
ح- لأن أعز ما يملكه الإنسان - بعد إيمانه بالله عز وجل - هو الكرامة " وليس المال أو المنال ، أو الجاه أو القدرة...فالمجرم يتعذب في داخله قبل أن يحاسبه الآخرون ، لأنه على بصيرة من قرارة نفسه التي تحس بغياب الكرامة بفعل الأفعال الدنيئة ، أما الإنسان المحترم الذي يحس بوفرة الكرامة لديه ، فإنه أحرى أن يعتلي القمم السامية والمنازل الرفيعة... وهكذا كان شأن « يوسف » الصدِّيق عليه السلام حين توسم فيه عزيز مصر أن ينفعه ذات يوم ، ويكون خليفة له على شعبه ، أو يتخذه ولداً ؛ لذا فقد قال لامرأته حين أتى بيوسف مستبشراً به : { أكرِمي مثواه } أي أكرمي مكانته ، واجعليه محط احترام وتقدير ، ولم يوصها بأي شيء آخر ... فلعله رأى أن التربية القائمة على أساس الكرامة تنتهي بالإنسان إلى أن يكون عالماً ، وقادراً على أًن يتخذ القرارات السليمة وفقاً لأسس وقواعد التفكير الحكيم ، هذا بالإضافة إلى قدرته على وضعها موضع التنفيذ " (3) فإذا أردنا الكرامة ونتائجها لأطفالنا فما أحرانا بأن نهبها لهم من خلال حبهم لخالق الكرامة الذي كرَّم أباهم آدم وأسجد له الملائكة ، وقال عنهم: { ولقد كرَّمنا بني آدم }... وإذا أردنا لهم الدرجات العُلا في الدنيا والآخرة ، فلا مفر من مساعدتهم على حب الله الذي يقودهم إلى التقوى ، فيصبحوا من الذين قال عنهم : { إن أكرمكم عند اللهِ أتقاكم }
4- كيف نزرع حب الله عز وجل في قلوب أطفالنا ؟ تحتاج هذه المهمة في البداية إلى أن يستعين الوالدان بالله القوي العليم الرشيد ، فيطلبا عونه ، ويسألاه الأجر على حسن تربية أولادهما ابتغاء مرضاته ، ويرددان دائماً: { رب اشرَح لي صدري ، ويسِّر لي أمري ، واحلُل عقدةً من لساني يفقهوا قولي } ؛ " مع ضرورة بناء علاقات صحيحة وسليمة بين الأهل والأولاد " (4) ثم بعد ذلك تأتي العناية ، والاهتمام ، واليقظة ، والحرص من الوالدين أو المربين لأنهم سوف يتحدثون عن أهم شيء في العالم ، وأهم ما يحتاج إليه طفلهم ؛ لذلك فإنهم " يجب أن يتناولوا هذا الموضوع بفهم وعمق وحب وود " (5) ... أما إن أخطأوا ، فإن الآثار السلبية المترتبة على ذلك ستكون ذات عواقب وخيمة . لذا يجب مراعاة متطلبات المرحلة العمرية للطفل ، وسماته الشخصية ، وظروفه... وكلما بدأنا مبكرين كان ذلك أفضل ، كما أننا إذا اهتممنا بالطفل الأول كان ذلك أيسر ، وأكثر عوناً على مساعدة إخوته الأصغر على حب الله تعالى ؛ لأن الأخ الأكبر هو قدوتهم ، كما أنه أكثر تأثيراً فيهم من الوالدين . و يجب أيضاً اختيار الوقت والطريقة المناسبة للحديث في هذا الموضوع معهم ... وفيما يلي توضيح كيفية تعليمهم حب الله في شتى المراحل :
أولاً: مرحلة ما قبل الزواج: إن البذرة الصالحة إذا وضعت في أرض خبيثة اختنقت ، وماتت ، ولم تؤت ثمارها ، لذا فقد جعل الإسلام حسن اختيار الزوج والزوجة من أحد حقوق الطفل على والديه ، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم : { الطيباتُ للطيبين ، والطيبون للطيبات } ، وقال صلى الله عليه وسلم: ( تخيَّروا لِنُطَفِكُم ، فإن العِرق دسَّاس ) ، وقال أيضاً: ( تُنكح المرأة لأربع : لمالها ، وجمالها ، وحسبها ، ودينها ، فاظفَر بذات الدين تَرِبَت يداك ) ، وروي عن الإمام جعفر الصادق أنه قال : قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطيباً ، فقال : ( أيُّها الناس إياكم وخضراء الدُّمُن . قيل : يا رسول الله ، وما خضراء الدُّمُن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء ). كما أكَّد صلى الله عليه وسلم على أن يكون الزوج مُرضياً في خُلُقه ودينه ، حيث قال: ( إذا جاءكم من ترضون خُلُقه ودينه فزوجوه ) ، وأردف صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بالنهي عن ردّ صاحب الخلق والدين فقال : ( إنّكم إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) ، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( من زوّج ابنته من فاسق ، فقد قطع رحمها ). فإذا اختلط الأمر على المقدمين على الزواج ، فإن الإسلام يقدم لهم الحل في" صلاة الاستخارة". ثم يأتي بعد حُسن اختيار الزوج أو االزوجة: الدعاء بأن يهبنا الله الذرية الصالحة ، كما قال سيدنا زكريا عليه السلام مبتهلاً: { رب هَب لي ِمن لَدُنكَ ذُرِّيَةً طيبةً إنك سميعُ الدعاء } ، وكما دعا الصالحون: { ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما }.
ثانياً : مرحلة الأجِنَّة: تقترح كاتبة هذه السطور على كل أم مسلمة تنتظر طفلاً أن تبدأ منذ علمها بأن هناك رزق من الله في أحشائها ؛ فتزيد من تقربها إلى الله شكراً له على نعمته ، واستعداداً لاستقبال هذه النعمة ، فتنبعث السكينة في قلبها ، والراحة في نفسها ، مما يؤثر بالإيجاب في الراحة النفسية للجنين ؛ كما يجب أن تُكثر من الاستماع إلى القرآن الكريم ، الذي يصل أيضاً إلى الجنين ، ويعتاد سماعه ، فيظل مرتبطاً به في حياته المستقبلة إن شاء الله . ولنا في امرأة عمران- والدة السيدة مريم- الأسوة الحسنة حين قالت: { ربِّ إني نَذَرتُ لك ما في بطني مُحرَّراً ، فتقبل مني إنك أنت السميع العليم } ، فكانت النتيجة: { فتقبَّلها ربُّها بقَبول حَسَن }. ولقد أثبتت التجربة أن أفضل الطعام عند الطفل هو ما كانت تُكثر الأم من تناوله أثناء حملها بهذا الطفل ، كما أن الجنين يكون أكثر حركة إذا كان حول الأم صخباً أو ضجة ، وهذا يعني تأثر الجنين بما هو حول الأم من مؤثرات. ( وهاهي الهندسة الوراثية تؤكد وجود الكثير من التأثيرات التي تنطبع عليها حالة الجنين ، سواء أكانت هذه التأثيرات بيولوجية ، أوسيكولوجية ، أو روحية ، أوعاطفية. ونحن نطالع باستمرار مدى تأثر الجنين بإدمان الأم على التدخين ، فإذا كان التدخين يؤثر تأثيراً بليغاً على صحة الجنين البدنية ، فَتُرى ما مدى تأثره الأخلاقي والروحي بسماع الأم للغيبة أو أكلها للحم الخنزير ، أو خوضها في المحرمات وهي تحمله في أحشائها؟! ) (6) ويؤكد الدكتور "علاء الدين القبانجي" (7) هذا بقوله: " هناك خطأ كبير في نفي التأثير البيئي على النطفة ، في نفس الوقت الذي نلاحظ فيه التأثير ا لبيئي على الفرد ذاته سواء بسواء ، ولن تتوقف النطفة عن التأثر بالمنبهات الكيماوية - بما فيها المواد الغذائية والعقاقير- أو بالظروف البيئية ، بل ستظل تتأثر بقوة التوجه إلى الله أيضا ، فروح الاطمئنان والتوجه إلى الله تعالى تخفف من التوترات والتفاعلات النفسية المضطربة . ويضيف فضيلة الشيخ "علي القرني" :" أثبت العلم الحديث أن للجنين نفسية لا تنفصل عن نفسية أمه ، فيفرح أحياناً ، ويحزن أحياناً ، وينزعج أحياناً لما ترتكبه أمه من مخالفات كالتدخين مثلاً ، فقد أجرى أحد الأطباء تجربة على سيدة حامل في شهرها السادس وهي مدمنة للتدخين ، حيث طلب منها الامتناع عن التدخين لمدة أربع وعشرين ساعة ، بينما كان يتابع الجنين بالتصوير الضوئي ، فإذا به ساكن هادئ ، حتى أعطى الطبيب الأم لفافة تبغ ، فما إن بدأت بإشعالها ووضعها في فمها حتى بدأ الجنين في الاضطراب ، تبعاً لاضطراب قلب أمه. كما أثبت العلم أيضاً أن مشاعر الأم تنتقل لجنينها ، فيتحرك بحركات امتنان حين يشعر أن أمه ترغب فيه ومستعدة للقائه ، بينما يضطرب وينكمش ، ويركل بقدميه معلناً عن احتجاجه حين يشعر بعدم رغبة أمه فيه... حتى أن طفلة كانت أمها قد حملتها كُرهاً ، وحاولت إسقاطها ، دون جدوى ، فلما وضعتها رفضت الطفلة الرضاعة من أمها ، فلما أرضعتها مرضعة أخرى قبلت!!! ولكنها عادت لرفض الرضاعة مرة أخرى حين عصبوا عيني الطفلة ، ثم أعطوها لأمها كي ترضعها !!! " (8) بينما نرى أماً أخرى حرصت- منذ بداية الحمل- على تلاوة القرآن والاستماع له في كل أحوالها ... قائمة ، وقاعدة ، ومضطجعة ، فكانت النتيجة أن وضعت طفلاً تمكن بفضل الله تعالى من ختم القرآن الكريم حفظاً ، وتجويداً ، وهو في الخامسة من عمره!!! فتبارك الله أحسن الخالقين" (9) مما تقدم نخلص إلى أن تربية الطفل تبدأ من مرحلة الأجنة ، " فإذا نشأ الجنين في بطن أمه في جو من الهدوء والسكينة - وخير ما يمنحهما هو القرب من الله سبحانه- فإنه يستجيب بإذن ربه ، ويعترف بفضل أمه عليه ، ويتمتع بشخصية سوية ونفسية هادئة ، يقول لسان حاله : { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!!! } " (10)
ثالثا: مرحلة مابعد الوضع حتى السنة الثانية: " بعد أن يولد الطفل ويبدأ بالرضاعة والنمو يكون أشد استقبالاً لمتغيرات الحياة من الشاب البالغ ، لأن الوليد يكون مثل الصفحة البيضاء الجاهزة لاستقبال خطوط الكتابة ، بينما يكون الشاب البالغ قد أوشكت قناعته على الاكتمال ، فيصبح من الصعب التلاعب بها أو محوها " (11) لذا يجب أن نرقيه بالرقية الشرعية ( المأخوذة من الكتاب والسنة المطهرة ) ، ونسمع معه التلاوات القرآنية لشيوخ ذوي أصوات ندية ، كما نُكثر من الاستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل والحوقلة ونحن نحمله ، حتى تحُفُّه الملائكة ، ويتعود سماع مثل هذه الكلمات النورانية. " ومع زيادة نمو الوعي عند الطفل يجب أن نحرص على أن نَذكُر الله عز وجل أمامه دائماً ، فبدلاً من أن نقول : " غاغا " ، أو ما شابه ذلك من ألفاظ نقول : " يا الله " ، ونسعى دائماً إلى أن يكون لفظ الجلالة ملامساً لسمعه حتى يحفظه ، ويصبح من أوائل مفرداته اللغوية ، وإذا أراد أن يحبو ، وصار قادراً على النطق ، فيجب أن نأخذ بيده ونريه أننا نريد أن نرفعه ، فنقول : " يا رب .. يا مُعين " ، ونحاول أن نجعله يردد معنا ، وإذا أصبح أكثر قدرة على التلفظ بالكلمات علمناه الشهادتين ، ورددناها معه حتى يعتادها " (12) فنراه يَسأل عن معناها حين يستطيع الكلام .
رابعاً: من سنتين إلى ثلاث سنوات : ( في هذا العمر يكون الطفل متفتح الذهن ، مما يدعونا إلى تحفيظه بعض قصار السور كالفاتحة ، والعصر ، والكوثر...إلخ ، وذلك حسب قدرته على الحفظ ، وكذلك تحفيظه بعض الأناشيد مثل : " الله رب الخلـق ، أمـدنا بالرزق " ، و" من علِّـم الـعصفور أن يبني عشــا في الشـجر ، الله قـد عـلمه وبالهُـدى جَـمَّلهُ " ) (13) وكذلك : " اللهُ ربي ، محمدٌ نبيي ، والإسلامُ ديني ، والكعبةُ قبلتي ، والقرآن كتابي ، والنبي قدوتي ، والصيام حصني ، والصَدَقة شفائي ، والوضوء طَهوري ، والصلاة قرة عيني ، والإخلاص نِيَّتي ، والصِدق خُلُقي ، والجَنَّةُ أملي ، ورضا الله غايتي ". ( وكلما زاد وعيه وإدراكه ردَّدنا أمامه أن الله هو الذي رزقنا الطعام ، وهو الذي جعل لنا الماء عذباً ليروي عطشنا ، وهو الذي أعطاه أبوه وأمه لرعايته ، وهو الذي أعطانا المال والمنزل ، والسيارة واللعب...إلخ ، ولذلك فهو جدير بالشكر ، وأول شكر له هو أن نحبه ولا نغضبه ، وذلك بأن نعبده ولا نعبد سواه ) (14) كما نذكر ونحن نلعب معه بدميته مثلا : أن هاتين اليدين والعينين والأذرع والرجلين لدينا مثلها ولكن ما يخص الدمية من القماش أو البلاستيك ، أما ما أعطانا الله فهي أشياء حقيقية تنفعنا في حياتنا وتعيننا عليها. ( وإذا جلسنا إلى الطعام قلنا بصوت يسمعه : " بسم الله " ، وإذا انتهينا قلنا " الحمد لله " ، وكذلك إذا شربنا ، وإذا اضطجعنا وإذا قمنا من النوم ) (15) ... حتى يعتاد الطفل ذلك ويردده بنفسه دون أن نطلب منه ذلك. كما يجب أن نخبره أن الله تعالى يحب لهم الخير ويعلم ما يصلحهم ، فهو الذين أوصى بهم الوالدين أن يحسنوا اختيار أسماءهم ( ويعلِّموهم أمور دينهم ودنياهم ، ويحسنوا تأديبهم و تربيتهم ، وهو الذي أمر الوالدين بالعطف عليهم والترفق بهم ، والعدل بينهم وبين إخوتهم في كل الأمور) (16) ، وهو حبيبهم الذي يتجاوز عنهم حتى يصلوا إلى سن الإدراك ، فنخبرهم أنه يسامحهم على أخطائهم ماداموا صغاراً . فعليهم أن يستحيوا من الله وأن لا يعصوه . ومن المفيد أن نربط كل جميل من حولهم بالله تعالى ، فالوردة ، والنحلة ، والفراشة ، والقمر ، وغيرها من مخلوقات الله ، أما الأشياء التي تبدو ضارة بالنسبة لنا كالذبابة ، والفأر ، وغيرهما فهي من مخلوقات الله أيضاً ، وهي تقوم بوظيفة تساعد على أن يظل الكون من حولنا جميلاً ونظيفاً. كما يجب أن نربط كل خُلُق جميل بالله تعالى ، فالله يحب الرحمة والرفق والعدل والجمال والنظافة...إلخ. كما يجب ان نقرِّب إلى أذهانهم فكرة وجود الله مع عدم إمكانية رؤيته في الدنيا ، فهناك أشياء نحسها ونرى أثرها ونستفيد منها دون أن نراها كالهواء والكهرباء والعطر...إلخ. أما من يريد رؤيته جل شأنه فعليه أن يكثر من الطاعات كي يحظى برؤيته في الجنة. وينبغي أن نعلِّق في بيوتنا صوراً للحرمين الشريفين حتى تعتادهما عينيه ويدفعه الفضول للسؤال عنهما ، وعندها نجيبه بطريقة تشوِّقه إليهما ، كأن نقول عن الكعبة : " هي بيت الله ، والله كريم يكرم ضيوفه الذين يزورون بيته بأشياء جميلة ويرزقهم بها كاللعب والحلوى ، وغير ذلك مما يحب الطفل " ، مع ملاحظة أننا إذا اصطحبناه إلى هناك فلابد أن نجعل ذكرياته عن الزيارة سعيدة قدر الإمكان ونشتري له من الهدايا والأشياء المحببة إليه ما يرضيه ، حتى ترتبط سعادته بالبيت الحرام ، ومن ثم برب البيت.
خامساً: من الثالثة حتى السادسة: ( يكون استقبال الطفل للمعلومات ، واستفادته منها ، واقتداؤه بأهله- في هذه المرحلة- في أحسن حالاته) (17) ، كما يكون شغوفاً بالاستماع للقصص ، لذا يجب الاستفادة من هذا في تأليف ورواية القصص التي توجهه للتصرف بالسلوك القويم الذي نتمناه له ، وتكون هذه الطريقة أكثر تأثيراً ، إذا كانت معظم القصص تدور حول شخصية واحدة تحمل اسماً معيناً ، لبطل أو بطلة القصة [ يفضل أن يكون ولداً إذا كان الطفل ولداً ، والعكس صحيح ] ، بحيث تدور أحداثها المختلفة في أجواء مختلفة ، وتهدف كل منها إلى تعريفه بالله تعالى على أنه الرحيم الرحمن الودود الحنان المنَّان الكريم العَفُوّ الرءوف الغفور الشكور التواب ، مالك الملك ، كما تهدف القصة إلى إكسابه أخلاقيات مختلفة إذا قامت الأم برواية كل قصة على حده في يوم منفصل- لتعطيه الفرصة في التفكير فيها ، أما إذا طلب قصة أخرى في نفس اليوم فيمكن أن نحكي له عن الحيوانات الأليفة التي يفضلها مثلاً- فيصبح الطفل متعلقا بشخصية البطل أو البطلة وينتظر آخر أخبار مغامراته كل يوم ، فتنغرس في نفسه الصغيرة الخبرات المكتسبة من تلك القصص. وإذا كانت الأم لا تستطيع تأليف القصص فيمكنها الاستعانة بالقصص المنشورة ، منها على سبيل المثال لا الحصر سلسلة «أطفالنا» ، وقصص شركة « سفير » للأطفال ، وقصص الأديب التربوي « عبد التواب يوسف » ، وقصص الأنبياء المصورة للأطفال المتاحة لدى « دار المعارف » بالقاهرة ، وغير ذلك مما يتيسر. وفيما يلي قصة سمعتها كاتبة هذه السطور من معلمة ابنتها التي كانت تحفِّظها القرآن ، وهي تفيد حب الله والثقة به تعالى ، وحسن التصرف ، وأخذ الأسباب ، ثم التوكل عليه .
كانت " ندى" تجلس بجوار والدتها التي كانت تقوم بتغيير ملابس أختــها الرضيعة" بسـمة" ، بينما اكتشـفت الوالدة أن" بسـمة" حـرارتها آخذة في الارتفاع ، فحاولت إسعافـها بالمواد الطبيعية المتاحة بالمنزل ، دون جدوى ، ولما كان الوالد مسافراً ، فقد طلبت الوالدة من" ندى" أن تظل بجوار أختها حتى تذهب إلى الصيدلية القريبة من منزلهم لتشتري لها دواء يسعفها ، فقالت"ندى" : "سمعاً وطاعة يا أمي" وبينما كانت" ندى" تغني لأختها بعد خروج الأم انقطع التيار الكهربي وساد الظلام الغرفة ، فشعرت "ندى" بالخوف الشديد ، ولم تدر ماذا تفعل ... ولكنها تذكرت قول والدتها لها : "أن الله تعالى يظل معنا أينما كنا وفي كل الأوقات من الليل والنهار ، وهو يرانا ويرعانا ويحمينا أكثر من الوالدين لأنه أقوى من كل المخلوقات ، ولأنه يحب عباده المؤمنين ؛ فظلت تربُت على"بسمة" التي بدأت في البكاء ، ثم جرت إلى الشباك ففتحته ليدخل بعض الضوء إلى الغرفة ، فإذا بالقمر يسطع في السماء ويطل بنوره الفضي ، فيرسل أشعته على الغرفة فيضيئها ، ففرحت "ندى" وقالت لبسمة : "انظري هذا هو القمر أرسله الله تعالى ليؤنسنا في وحدتنا ويضيء لنا الغرفة حتى تعود أمنا ويعود التيار الكهربي ، انظري كم هو جميل ضوء القمر لأن الله هو الذي صنعه ، فهو خافت لا يؤذي العين ، كما أنه يشيع في النفس الاطمئنان ، هل تحبين الله كما أحبه يا بسمة ؟ " وظلت تحدِّث أختها وتغني لها حتى عادت الأم ، فأعطت الدواء لبسمة ، ثم اثنت على" ندى" التي أحسنت التصرف ، ثم وعدتها بأن تذهب معها إلى المكتبة لشراء كتاب للأطفال عن القمر لتعرف عنه معلومات أكثر ، كما قامت بتلاوة سورة القمر عليها مكافأة لها على ما فعلت.
وينبغي حين نتحدث عن الله معهم في هذا العمر أن نكون صادقين ، ( ونبتعد عن المبالغات ، فالله موجود في السماء ونحن نرفع أيدينا عندما ندعوه ، وهو يستحي أن نمدها إليه ويردها فارغة ، لأنه حييٌ كريم ، وهو أكبر من كل شيء ، وأقوى من كل شيء وهو يرانا في كل مكان ويسمعنا ولو كنا وحدنا ، وهو يحبنا كثيراً ، وعلينا أن نحبه لأنه خلقنا وخلق لنا كل ما نحتاجه ، فهو يأمر جنوده فينفذون أوامره ، فيقول للسحاب أمطر على عبادي كي يشربوا ويسقوا زرعهم وماشيتهم ، فينزل المطر ، وهو الذي يدخل المسلمين الذين يحبونه الجنة... ويتمتع في الجنة المسلم الذي يصلي ويصوم ويتصدق ويصدُق مع الناس ، ويطيع والديه ، ويحترم الكبار ، ويجتهد في دراسته ، ولا يؤذي إخوته أو أصحابه ، والله تعالى يحب الأطفال ، وسوف يعطيهم ما يريدون إذا ابتعدوا عن كل ما لا يرضيه... وينبغي عدم الخوض في تفاصيل الذات الإلهية مع الطفل خشية من أي زلل قد نُحاسَب عليه " (18)
سادساً: مرحلة ما بين السابعة والعاشرة: وهي مرحلة (غاية في الأهمية ، لذا لا يصح التهاون بها على الإطلاق ، ففيها تبدأ مَلكاته العقلية والفكرية في التفتح بشكل جيد ، لذا فإنه يحتاج في هذه المرحلة إلى أن نصاحبه ونعامله كصديق ، ومن خلال ذلك نغرس في نفسه فكرة العبودية لله تعالى بشكل عميق ، فإذا أحضرنا له هدية مثلا وقال: "شكراً" ، ذكرنا له أن الله تعالى أيضاً يستحق الشكر فهو المنعم الأول ، فنقول له : " ما رأيك بعينيك ، هل هما غاليتين عليك؟! ، وهل يمكن أن تستبدلهما بكنوز الأرض؟! " ، وكذلك الأذنين واللسان وبقية الجوارح ... حتى يتعمق في نفسه الإحساس بقيمة هذه الجوارح ، ثم نطرح عليه السؤال " مَن الذي تكرَّم علينا وأعطانا هذه الجوارح ؟ وكيف تكون حياتنا إذا لم يعطها لنا؟! " لذا فإن هذه الجوارح هي أغلى الهدايا التي منحنا الله عز وجل إياها- بعد الإيمان به- ومن الواجب أن نشكره هو وليس غيره على عطاياه ) (19) ومن الضروري بناء قاعدة تعليمية اختيارية لدى الطفل من خلال تشجيعه على القراءة ، ومكافأته بقصة أو موسوعة مبسطة أو كتاب نافع أو مجلة جذابة مفيدة بدلاً من الحلوى ، ولكن قبل أن نشتري له ما يقرأه يجب أن نتصفحه جيدا ، فنبتعد مثلاً عن مجلة " ميكي " و"سوبرمان" و"الوطواط" ، وأمثالها التي تحكي قصصاً تحدث في بيئة غربية وتنقل عاداتهم وتقاليدهم الغريبة علينا... مما يؤثر بالسلب في أطفالنا ، فنستبدلها مثلاً بمجلة "ماجد" ، ومجلة "سلام وفرسان الخير" اللتان تصدران في الإمارات العربية ، و تبثان القيم الدينية والأخلاقية في الطفل بشكل لطيف محبب إليه ، بالإضافة إلى تثقيفه وتعليمه ؛ وكذلك مجلتي : "العربي الصغير" ، و"سعد" اللتان تصدران في الكويت. ويمكن اصطحابه إلى مكتبـة تبيع أو تقتني كتـباً نعلم أنهـا جـيدة ، ثم نتركـه يخـتار بنـفسـه. ولا بأس من أن نقص على الطفل في هذه المرحلة قصة النبي "يحي" عليه السلام ليكون قدوة له ، (فقد كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا مثيل له في النُُسُك والزهد والحب الإلهي... كان يضيء حبا لكل الكائنات ، وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحاري والجبال ، ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك ظالم ، بشأن أمر يتصل براقصة بغي. ويذكر العلماء فضل يحيي ويوردون لذلك أمثلة كثيرة ، فقد كان يحيي معاصراً لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالة أمه).. وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما. فقال عيسى ليحيى : استغفر لي يا يحيى .. أنت خير مني. قال يحيى: استغفر لي يا عيسى . أنت خير مني. قال عيسى : بل أنت خير مني .. سلمت على نفسي وسلم الله عليك. وتشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء. قال قائل: موسى كليم الله. وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته. وقال قائل: إبراهيم خليل الله. ومضى الصحابة يتحدثون عن الأنبياء ، فتدخل الرسول عليه الصلاة والسلام حين رآهم لا يذكرون يحيي. أين الشهيد ابن الشهيد ؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب. أين يحيي بن زكريا ؟
وقد كان ميلاده معجزة .. فقد وهبه الله تعالى لأبيه زكريا بعد عمر طال حتى يئس الشيخ من الذرية.. وجاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبي زكريا. وكانت طفولته غريبة عن دنيا الأطفال .. كان معظم الأطفال يمارسون اللهو ، أما هو فكان جادا طوال الوقت .. كان بعض الأطفال يتسلى بتعذيب الحيوانات ، وكان يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة بها ، وحنانا عليها ، ويبقى هو بغير طعام .. أو يأكل من أوراق الشجر أو ثمارها.
وكلما كبر يحيى في السن زاد النور في وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة وحب الله والمعرفة والسلام. وكان يحيى يحب القراءة ، وكان يقرأ في العلم من طفولته .. فلما صار صبيا نادته رحمة ربه : { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا } فقد صدر الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاب بقوة ، بمعنى أن يدرس الكتاب بإحكام ، كتاب الشريعة.. ورزقه الله الإقبال على معرفة الشريعة والقضاء بين الناس وهو صبي .. كان أعلم الناس وأشدهم حكمة في زمانه درس الشريعة دراسة كاملة ، ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس ، ويبين لهم أسرار الدين ، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق الخطأ . وكبر يحيى فزاد علمه ، وزادت رحمته ، وزاد حنانه بوالديه ، والناس ، والمخلوقات ، والطيور ، والأشجار .. حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة.. كان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب ، وكان يدعو الله لهم.. ولم يكن هناك إنسان يكره يحيي أو يتمنى له الضرر. كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه وفضله.. ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك. وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله أبكاهم من الحب والخشوع.. وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله.. وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس.. امتلأ المسجد بالناس ، ووقف يحيي بن زكريا وبدأ يتحدث.. قال: " إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها ، وآمركم أن تعملوا بها.. أن تعبدوا الله وحده بلا شريك.. فمن أشرك بالله وعبد غيره فهو مثل عبد اشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده.. أيكم يحب أن يكون عبده كذلك..؟ وآمركم بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده وهو يصلي ، ما لم يلتفت عن صلاته.. فإذا صليتم فاخشعوا.. وآمركم بالصيام.. فان مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك جميل الرائحة ، كلما سار هذا الرجل فاحت منه رائحة المسك المعطر. وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا ، فان مثل ذلك كمثل رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه عليه.. وأعظم الحصون ذكر الله.. ولا نجاة بغير هذا الحصن.) (20)
أما الفتيات فنحكي لهن-على قدر فهمهن- قصة السيدة "مريم" وكيف كانت ناسكة عابدة لله تعالى وكيف نجحت في اختبار بالغ الصعوبة ، وكيف أنقذها الله جل وعلا بقدرته .
سابعاً : مرحلة العاشرة وما بعدها: في هذه المرحلة يظهر بوضوح على الطفل مظاهر الاستقلال ، والاعتداد بالنفس ، والتشبث بالرأي ، والتمرد على نصائح الوالدين وتعليماتهما- لأنهما يمثلان السلطة والقيود بالنسبة له - وهو في هذه المرحلة يود التحرر مما يظن أنه قيود ، فيميل أكثر إلى أصدقاءه ، ويفتح لهم صدره ، ويتقبل منهم ما لا يتقبله من والديه ، لذا يمكننا أن نوضح له - عن طريق رواية بعض القصص التي حدثت معنا أو مع من نعرفهم - ما يفيد أن الله سبحانه هو خير صديق ، بل هو أكثر الأصدقاء حفاظاً على الأمانة ، وهو خير عماد وسند ، وأن صداقة الطفل معه لا تتعارض مع صداقته لأقرانه. كما ينبغي أن نوضح لأطفالنا أن الله أحياناً يبتلي الإنسان بمكروه أو مصيبة ليطهِّره ويرفع درجاته ويقربه منه أكثر ، كما يؤلم الطبيب مريضه أحياناً كي يحافظ على صحته وينقذه من خطر محقق. والحق أن هذه المرحلة خطيرة لأنها تعيد بناء الطفل العقلي والفكري من جديد و قد تؤدي إلى عواقب وخيمة إن أسيء التعامل مع الطفل فيها ، ومما يساعد على نجاح الوالدين في الأخذ بيده إلى الصواب أن ( يبدآ معه من الطفولة المبكرة ، فعندئذٍ لن يجدا عناء كبيرا في هذه الفترة ، لأنهما قاما بوضع الأساس الصحيح ، ثم أكملا إرواء النبتة حتى تستوي على سوقها... وهما الآن يضيفان إلى جهديهما السابق جهدا آخر ، وسوف تؤتي الجهود ثمارها إن شاء الله) (21) ويمكننا أن نعرِّفهم بأسماء الله الحسنى ونشرح لهم معانيها ، فالله رحمن ، رحيم ، ودود ، عفو ، غفور ، رءوف ، سلام ، حنَّان ، منَّان ، كريم ، رزاق ، لطيف ، عالم ، عليم ، حكم ، عدل ، مقسط ، حق ، تواب ، مالك الملك ، نور ، رشيد ، صبور... ولكنه أيضاً قوي ، متين ، مهيمن ، جبار ، منتقم ، ذو بطش شديد ، معز مذل ، وقابض باسط ، وقهار ، ومانع ، و خافض رافع ، ونافع ضار ، ومميت. فلا يكفي أن نشرح لهم أسماء الجمال التي تبعث الود والألفة في نفوسهم نحو خالقهم ، بل يجب أيضا ذكر أسماء الجلال التي تشعرهم بأن الله تعالى قادر على حمايتهم وقت الحاجة ، فهو ملجأهم وملاذهم ، لأنه حفيظ قوي قادر مقتدر .
| |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:05 pm | |
| أطفالنا وحب الرسول صلى الله عليه وسلم د . أماني زكريا الرمادي
تمهيد:
الحمد لله رب العالمين ، حمداً يليق بجلاله وكماله،حمداً على قدر حبه لرسوله الأمين، حمداً يوازي عطاءه للمؤمنين... والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين: خاتم النبيين،وإمام المرسلين،وقائد الغُر المُحجَّلين؛ سيدنا محمد، وآله وصحبه،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،وبعد. فقد فتُرت علاقة المسلمين - بمرور الزمن،وتتابع الفتن- برسولهم صلى الله تعالى عليه وسلم،حتى اقتصرت- في معظم الأحيان- على الصلاة عليه عند ذكره،أو سماع من يذكره؛أو "التغني به في ليلة مولده أو ذكرى الهجرة أو ليلة الإسراء"(1)... دون أن تكون بين المسلمين وبينه تلك الرابطة القوية التي أرادها الله سبحانه لهم من خلال حبه صلى الله عليه وسلم،والتأسي به في أخلاقه وأفعاله. وإذا كان المسلمون في عصرنا الحالي - خاصة الشباب منهم- يدَّعون أنهم يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم،فإن أفعال بعضهم تؤكد عكس ذلك؛ ربما لأنهم لا يعرفون كيف يحبونه!! وفي خضم الحياة المعاصرة نجد الأمور قد اختلطت، والشرور قد سادت،وأصبح النشء والشباب يرددون :"نحن لا نجد القدوة الصالحة" ...وبدلاً من أن يبحثوا عنها نراهم قد اتخذوا المشاهير من المفكرين أ و الممثلين السينمائيين، أواللاعبين ،أو المطربين قدوة ومثلاً ... وما نراهم إلا استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير!!! من هنا كانت الحاجة ملحة لأن نعيد إلى أذهاننا وأذهان أبناءنا من الأطفال والشباب الصورة الصحيحة للقدوة الصالحة ،والشخصية التي تستحق أن تُتبع وأن يُحتذى بها. وفي السطور القليلة القادمة نرى محاولة لإعادة الصورة الواضحة للقدوة المثالية التي تستحق أن تتبع،وتأصيل ذلك منذ الطفولة حتى نبني أجيالاً من الشباب الصالحين الذين يمكن أن يكونوا هم أنفسهم قدوة لغيرهم. ولا تخفي كاتبة هذه السطور أنها تمنت- أثناء قراءتها لإعداد هذا المقال- أن يوفقها المولى سبحانه لتتصف ببعض صفاته صلى الله عليه وسلم ... وهي الآن تتمنى ذلك أيضاً لكل من يقرؤه ، وعلى الله قصد السبيل،ومنه وحده التوفيق...والحمد لله رب العالمين. |
| |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:09 pm | |
| أطفالنا وحب الإسلام
د . أماني زكريا الرمادي
تمهيد
الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه،حمداً يوازي نعمته علينا بالإسلام... إذ أنزل إلينا خير كتبه،وأرسل إلينا أفضل رسله وشرَع لنا أفضل شرائع دينه ،وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس...والصلاة والسلام على خير البرية ،وآله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد. فإن طفلك هو هبة الله تعالى لك،هو بضعة منك،وهو ثمرة فؤادك،وفلذة كبدك،ومعقد آمالك،وحلمك الذي لم تحققه بعد...لذا فمن الطبيعي أن تحلم له بكل خير...بالتفوق في الدراسة،والنشاط الذي يمارسه، ثم الوظيفة المرموقة،ثم الزواج السعيد، والرفاء، والبنين...إلخ ومن أجل ذلك فأنت تبذل كل غال وثمين لتساعده على تحقيق كل هذه الأحلام ،أو بعضها،أو حتى أحدها! ولكن؛ هل فكرت يوماً في أن إمكانات طفلك قد لا تتناسب مع تحقيق هذه الأحلام؟ ولو فرضنا-جدلاً- أن تلك الأحلام قد تحققت جميعاً ،فماذا لو أصبح المجتمع يكتظ بذوي الوظائف المرموقة؟! هل تستقيم الحياة بدون المُزارع، والصانع، والخبَّاز ،والنجار، والحداد، وعامل النظافة... وغيرهم من ذوي المهن التي لا تتمناها لطفلك؟! فما هو الحل في رأيك؟؟؟ إن الله تعالى كما قسَّم الأرزاق،" فقد قسم المواهب وجعلها مختلفة لكي يتكامل الناس، ويتعاونون ،ويحتاج بعضهم إلى بعض حتى يعمروا الكون"(1)،لذلك فإن بداية الحل هي أن تحلم لطفلك أحلاماً لا تتعارض مع مواهبه ،وفي نفس الوقت لا تحتاج لتحقيقها إلى أن تدفعه دفعاً يحطم نفسيته ،ويطمس مواهبه الطبيعية المعبِّرة عن ذاته،ويضعف شخصيته؛فإذا أردت له السعادة ،فدعه يكون نفسه!!! وليس أنت أو أي أحد آخر ممن تُعجب بهم. وبقية الحل هي أن تهتم بمستقبله في الآخرة ،كما تهتم بمستقبله الدنيوي،بل أكثر! فكما تخشى عليه من هبَّات النسائم الرقاق في الدنيا ، كذلك يجب أن تخشى عليه من عذاب الله في الآخرة. مرة أخرى ، كيف؟؟؟ ذلك بأن تحلم له بإيمان قوي، وعقيدة راسخة ، وهمة عالية...فإن ساعدته على تحقيق ذلك أصبح طفلك متفوقاً في كل نواحي حياته ،عزيز النفس ،عالي الهمة،مرموقاً في أي وظيفة يقدرها الله سبحانه له، يعرف كيف يسعد نفسه ويسعد غيره ؛ فيكون لك قرة عين؛ ومن ثم يكون مسلماً حقاً....فهل يراودك هذا الحلم؟ إذا كانت إجابتك هي "نعم" فتعال معي عبر السطور القادمة لترى محاولة لتحقيق هذا الحلم،عسى الله الكريم أن ينفع بها ...فله الحمد ومنه وحده التوفيق، والمنة ،والفضل .
د.أماني زكريا الرمادي
1- ما هو الإسلام؟ هو أجل وأعظم وأشرف نعم الله على الإنسان. وهو الاستسلام الكامل لأوامر الله سبحانه ،والانتهاء عن نواهيه؛استسلام الواثق بحكمته ،المعتمد على قدرته؛ الطامع في رحمته .
2- ما هو حب الإسلام؟ هو أن تكره أن تخرج عنه؛ فتعود إلى الكفر، كما تَكره أن تُقذف في النار.
3- لماذا نحب الإسلام وننتمي إليه ؟ أ- لأنه الدين الخاتم الذي قال عنه سبحانه تعالى في قرآنه المعجز في كل مكان وزمان:" إنَّ الدينَ عندَ اللهِ الإسلام"وقال عمن يتبعون غيره: " ومَن يبتَغِ غيرَ الإسلامِ ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"
ب- لأنه الدين القيِّم ،كما قال عنه جل وعلا في قرآنه -الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه- في كثير من المواضع ؛ أي الدين الثابت الذي لا عوَج فيه، ولا زيغ ،ولا ضلال.
ج- لأنه دين الحرية الذي حرر الإنسان من العبودية لغير الله ، ومن الخوف إلا مِنْه، ومن الحاجة إلا إليه ومن الذل إلا له،ومن التوكل إلا عليه،فإذا كان مَن نعبده ونخشاه،ونذل له،ونتوكل عليه هو أرحم الراحمين،وأكرم الأكرمين،ومالك الملك،والقادر المقتدر، والعزيز الجبار،وذو الجلال والإكرام،و الحي القيوم،والحفيظ المقيت،فهنيئاً لنا بهذا الدين.
ب- لأنه دين الاعتدال الذي رفع الإصر والأغلال عمن اتبعوه ،بعكس الأمم التي كانت من قبلهم،( يقول العلامة سليمان الندوي: «ما من دين خلا من العبادة لله، لكن الأديان القديمة حسب أتباعها أن الدين يطالبهم بإيذاء أجسامهم وتعذيبها وأن الغرض من العبادة إدخال الألم على الجوارح وأن الجسم إذا زادت آلامه كان في ذلك طهارة للروح ونزاهة للنفس! وقد جاءت الشريعة الإسلامية برفع هذه الآصار فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه: «إياكم والغلو فإنما اهلك من كان قبلكم الغلو» وهو الغلو الذي نعاه القرآن على أهل الكتاب ونهاهم عنه: «قل يا أهل الكتاب لا تغْلُوا في دينكُم غيرَ الحق ولا تتَّبعوا أهواءَ قومٍ قد ضلوا من قبل وأضَلوا كثيراً وضلُّوا عن سواءِ السبيل». وقد عُرف الرسول صلى الله عليه وسلم في كتب الأولين بالأوصاف المميزة التالية: «يأمُرُهم بالمعروف وينهاهُم عن المُنكر ويحِلُّ لهمُ الطيباتِ ويحرِّم عليهم الخبائثَ ويضع عنهم إصرَهم والأغلالَ التي كانت عليهم"؛ وقد امتن الله برسوله على الناس فقال: «لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم»، وقد قال صلوات الله وسلامه عليه: «بُعثت بالحنيفية السمحة"، فهي حنيفية العقيدة، سمحة في التكاليف والأحكام وإنما خصها الله بالسماحة والسهولة واليسر لأنه أرادها رسالة الناس كافة والأقطار جميعا، والأزمان قاطبة... ورسالة هذا شأنها من العموم والخلود لابد أن يجعل الله الحكيم في ثناياها من التيسير والتخفيف والرحمة ما يلائم اختلاف الأجيال وحاجات العصور وشتى البقاع... وهذا واضح في شريعة الإسلام عامة وفي العبادات خاصة ؛يقول الله تعالى في بيان رسالة المسلم في الحياة: «يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربَّكم وافعلوا الخيرَ لعلكم تُفلحون، وجاهِدوا في اللهِ حقَّّ جهاده هو اجتَباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج»؛ويقول في أعقاب ما ذكره من المحرمات في النكاح وإباحة ما وراء ذلك بشرطه «يريد الله أن يخفف عنكم وخُلق الانسانُ ضعيفا»)(2)
د- لأنه دين التيسير الذي يتناسب مع الفطرة البشرية، فلا يكلف النفس إلا وسعها ،ولا يحمِّلها إلا ما تطيق،بل وينهى عن المغالاة والتنطع والتشدد،خاصة في أمور الدين،يقول المولى جل وعلا:"لا يكلِّف اللهُ نفساً إلا وُسعها"،كما يقول:" يريدُ اللهُ بكم اليسرَ ولا يريد بكم العُسر»؛ ويقول الرسول الكريم:" إن هذا الدين شديدٌ فأوغل فيه برفق"،ويقول:"روِّحوا القلوب فإن القلوب إذا تعبت كلَّت وإذا كَلَّت مَلَّت " ومن أقواله صلى الله عليه وسلم: «ان الدين يسر ولن يشادد الدين أحد إلا غلبه ،فسدِّدوا وقاربوا وأبشروا» ونراه صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذاً وأبا موسى الأشعري أميرين الى اليمن كان من وصيته لهما: «يَسِّرا ولا تُعسِّرا، وبشِّرا ولا تُنفِّرا ،وتطاوعا ولا تختلفا». ومن أوصافه عليه الصلاة والسلام أنه ما خُيِّر بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً . وإذا كانت وجهة الإسلام هي التيسير فكل مسلم يبغي التشديد والتعنت إنما يعاند روح الإسلام ولهذا وقف الرسول الكريم في وجه المتعنتين والمتشددين وأخبر بهلكتهم ووبالهم فقال:" ألا هلك المتنطعون ،ألا هلك المتنطعون، ألا هلك المتنطعون» ولم يكن يكرر الكلمة ثلاثاً إلا لعظم خطر مضمونها.
ج- لأنه دين العطاء الذي يعطي الأجر الوفير على مساعدة الغير والتخفيف عنهم وإدخال السرور على قلوبهم،وإطعامهم ،وعيادة مريضهم وإعانة ضعيفهم،وكفالة يتيمهم ،وإغاثة ملهوفهم،وتعليم جاهلهم،وتوقير كبيرهم ،والعطف على صغيرهم ،والعفو عن مسيئهم.
د- لأنه دين النظافة، والطهارة الظاهرة والباطنة، والخُلُق الكريم،والرقي والسمو والحضارة بنوعيها : المادية والروحية. فعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء ؛قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة"،و قال وكيع: انتقاص الماء يعني الاستنجاء، رواه مسلم.ويقول الله تعالى:" إن الله يحب التَّوَّابين ويحب المتطهرين " أما الطهارة الباطنة فهي" تطهير النفس من آثار الذنب والمعـصية ، وذلك بالتوبة الصادقة من كل الذنوب والمعاصي ، وتطهير القلب من أقذار الشرك والشك والحسد والحقد والغل والغش والكبر ، والعُجب والرياء والسمعة ، وذلك بالإخلاص واليقين وحب الخير والحلم والصدق والتواضع ، وإرادة وجه الله تعالى بكل النيات والأعمال الصالحة . وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن أهمية طهارة القلب :"تُعرض الأعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول اتركوا هذين حتى يصطلحا" رواه مسلم. وقد كان المصطفى عليه الصلاة والسلام ينهى أن يبلغه عن أصحابه ما يسوؤه ،فيقول لهم:"لا يبلِّغني أحد منكم عن أصحابي شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر"رواه أبو داود هـ- لأنه الدين الوحيد الذي عرف للمرأة قدرها وأعطى لها من الكرامة، والحقوق مالم نر مثله لدى أي دين أو ملة أو عقيدة أخرى(للاستزادة في هذا الموضوع إستمع لدرس مكانة المرأة في الإسلام للأستاذ عمرو خالد)(3)
و-لأنه الدين الوحيد الذي اهتم بأتباع الأديان الأخرى ،وكفل لهم حرية العقيدة،(فقد قال تعالى " لا ينهاكُم الله عن الذين لم يقاتِلوكم في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبَرُّوهم وتُقسطوا إليهم إن اللهَ يحب المقسطين " 8- الممتحنة ،والآية الكريمة ترخص للمؤمنين في البر والصلة قولا وفعلا للذين لم يقاتلوهم لأجل الدين ولم يلحقوا بهم الأذى ولم يُخرجوهم من ديارهم ،وترخص لهم ببرهم والإحسان لمن أحسن منهم والعدل في معاملاتهم وهذا خالد بن الوليد يعاهد أهل الحيرة في زمن أبو بكر رضي الله عنه على ألا يهدم لهم بيعة أو كنيسة وعلى ألا يُمنعوا من نواقيسهم أو إخراج صلبانهم وأن يُعال العاجز هو وأولاده من بيت مال المسلمين ما أقام بدار الإسلام)(4) كما يسوي الإسلام في الحقوق( بين المسلمين وأتباع الأديان الأخرى؛ فنجد الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:" من ظلم معاهدا أو أنقصه حقه أو كلَّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فانا خصمه يوم القيامة " لذا نرى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوصى عمرو بن العاص وهو وال على مصر، يقول له " أن معك أهل الذمة والعهد فاحذر يا عمرو أن يكون الرسول الله صلى الله عليه وسلم خصمك " ونراه حين فتح بيت المقدس يعقد معاهدة مع أسقفها جاء فيها: " هذا ما أعطى عمر أهل إيلياء ( بيت المقدس ) من الأمان: أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم ولا يُكرهون على دينهم ولا يُضار أحد منهم ...فكان لغير المسلمين في بلاد الإسلام ما للمسلمين من حقوق عامة وعليهم ما على المسلمين كذلك)(5)
ز- لأنه دين الرحمة الذي أوصى بالضعفاء كالأطفال، واليتامى والنساء، وكبار السن، والمساكين ، والخدم ؛ فنرى الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي بهم قائلاً: " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقِّر كبيرنا" "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" مشيراً بإصبعيه السبابة والوسطى . "خير البيوت بيت فيه يتيم مُكرم" " من أضحك أنثى كان كمن بكى من خشية الله" " استوصوا بالنساء خيرا" " من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن، وضرائهن،وسرائهن دخل الجنة" فقال رجل :"وثنتان يارسول الله؟" قال:" وثنتان"،فقال آخر:" وواحدة؟" قال: "وواحدة" وعن الخدم يقول:" إنهم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم،فأطعموهم مما تطعمون ،واكسوهم مما تلبسون"...ولك أن تتأمل عظمة الإسلام في كلمة إخوانكم؛ فهو يحترم آدمية وكرامة الخادم لأنه-في النهاية- إنسان له مشاعر وأحاسيس. كما يعتبر الإسلام أن من زار مريضاً كان كمن زار الله تعالى ، ومن امتنع عن زيارته عاتبه الله! و نراه-صلى الله عليه وسلم- يوصي بحُسن اختيار الزوج والزوجة كأحد حقوق الطفل،ثم بحسن اختيار أسمائهم،وحسن تأديبهم،والتصابي لهم،وإكرامهم والعطف عليهم ؛ثم يجعل من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم!!!! كما نرى الله تعالى يوصي المؤمنين قائلاً:" واعبدوا الله َ و لاتُشركوا به شيئا وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين"،ونراه صلى الله عليه وسلم يحب المساكين ويحسن إليهم ويدعو ربه أن يحشره في زمرتهم ! فأي دين هذا؟؟!!
ح- لأنه دين المعاملة الحسنة الذي يجعل من الكلمة الطيبة صدقة،و التبسم في وجه الغير صدقة، ومن إماطة الأذى عن الطريق صدقة ويعطي أعظم الأجر على إفشاء السلام، بل ويجعل مما يحط الخطايا عن المسلم : مصافحةأخيه المسلم،والمسح على رأس اليتيم،وإطعام الرجل زوجته في فمها،وتزينه لها كما تتزين له،والحرص على عدم إيذاء الآخرين بالقول أو الإشارة أو الصوت المرتفع،فيقول المولى عز وجل:" وقولوا للناس حُسنا"،ويقول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم:" المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده"،بل ويجعل المعاملة الحسنة من أساسيات الدين ،إذ يقول صلى الله عليه وسلم:" الدين المعاملة"!
ط- لأنه الدين الوحيد الذي يعطي أعظم الأجر على أفعال يسيرة يقوم بها المسلم؛منها على سبيل المثال لا الحصر: • التصدق من المال الحلال،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها، كما يربى أحدكم فلوه - أي مهره - حتى تكون مثل الجبل) متفق عليه. وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة) • قول "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" فقد روى البخاري و مسلم في صحيحيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قالها مائة مرة في يوم كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت حرزاً له من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ،ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك" • صوم الأيام الست من شوال، فقد قال صلى الله عليه وسلم أن" من صامها كان كمن صام الدهر" • من قرأ سورة الإخلاص ثلاثاً كان كمن قرأ القرآن كله.
ي- لأنه دين الوفاء الذي يعطي للمريض، والمضطر،والمسافر، وأمثالهم من الأجر مثل ما كان يعطي كلاً منهم وهو سليم ،معافي،ومقيم.
ك- لأنه دين الحلم الذي لا يحاسب الإنسان الذي غاب عنه عقله أو وعيه، حتى يفيق أو يعي؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " رُفع القلم عن ثلاث: عن الصغير حتى يكبر، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق " (رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم عن عائشة بإسناد صحيح) ومعنى رفع القلم: امتناع التكليف ؛ أي ليسوا مكلفين.
ل-لأنه دين العلم الذي تميز بمعجزة القرآن، وكان أول ما نزل منه هو كلمة "إقرأ"،كما نرى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في شأن العلم الكثير من الأحاديث منها: " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" " مداد العلماء أفضل عند الله من دماء الشهداء" !!! " من سلك طريقا يلتمس فيه علما كان في سبيل الله حتى يرجع" "إن الله وملائكته والكائنات،حتى الحوت في بطن الماء لتصلي على معلم الناس الخير" وقد التزم المسلمون الأوائل بهذه التعاليم حتى سادوا العالم بعلمهم و تتلمذ على أيديهم الطلاب الذين كانوا يأتونهم من شتى بقاع الأرض...ولكنهم لما ابتعدوا عن دينهم بتتابع الأجيال بدأت حضارتهم في التدهور،بينما بدأ الغرب في بناء صرح حضارتهم العلميه على أنقاض الحضارة الإسلامية المنصرمة . م- لأنه دين المودة والترابط الأسري،والاجتماعي الذي يجعل عقوق الوالدين من الكبائر ،ويوصي بهما بعد عبادته تعالى،قائلاً: " واعبدوا اللهَ ولا تُشركوا به شيئا وبالوالدين إحساناً" ،ويحرم الجنة على قاطع الرحم،كما قال صلى الله عليه وسلم:" لا يدخل الجنة قاطع رحم"،ويوصي بالجار؛ قائلاً: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أن سيورِّثه"،كما يوصي بالصديق،فيقول صلى الله عليه وسلم:" خير الصاحبَين عند الله تعالى خيرهم لصاحبه"،بل ويوصي سبحانه بالصاحب في السفر ، قائلاً:" والصاحب بالجنب"،كما نراه صلى الله عليه وسلم يحض على الجماعة فيقول:" يد الله مع الجماعة"،ويقول:"إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" ،بل ويعطي ثواباً على صلاة الجماعة أكثرمن صلاة الفرد،ويشرع لهم صلاة الجمعة وصلاة العيدين، والحج لكي يلتقون ببعضهم البعض ويتعارفون،فيتعاونون...ويصدق ذلك قوله تعالى : " وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارَفوا"
م- لأنه دين الرفق بكل الكائنات حتى أنه يُدخل بغياً الجنة لأنها سقت هرة ،بينما يُدخل امرأة أخرى النار لأنها حبست هرة دون أن تطعمها أو تطلق سراحها؛ويُدخل رجلاً الجنة لأنه آثر على نفسه كلبا عطشاناً،فاجتهد ليسقيه قبل أن يشرب ؛(بل أن المسلمين في عهد الدولة الأموية كانوا يخصصون –في دمشق بسوريا- مكاناً لرعاية الحيوانات المسنة حتى تموت)(6) ويصدق ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما خلا منه شيء إلا شانه"وقد تجسد هذا الرفق في سلوكه صلى الله عليه وسلم مع الجمل لذي شكا له من صاحبه الذي يجيعه ويجهده ،فقال لصاحبه:" ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي أملكك الله إياها؟!" | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:12 pm | |
| | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:23 pm | |
| | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:26 pm | |
| | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:27 pm | |
| | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:30 pm | |
| | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:32 pm | |
| قبل أن ترفع يدك على أولادك
علي بن محمد بن ونوس
بسم الله الرحمن الرحيم
وقف أب يريد أن يضرب ولده ليؤدبه ثم نظر في عينيه و رأى الولد قد ذعر فامسك الأب يده و حضن ولده و قال له: يا بني لا تخف فضربي لك تأديب و ليس تعذيب. فقال الولد: لقد رأيت جارنا يضرب أولاده حتى أنهم في بعض الأحيان ينزفون الدم من شدة الضرب , فتذكرته و خشيت أن تضربني مثله...بابا ما راح أفعلها ثاني سامحني. فقبله أبوه بين عينيه و قال : سامحتك , اذهب و صلى ولا تضيع صلاتك مرة أخرى. ثم أطرق برأسه قليلاً يتذكر ما قاله ولده عن جارهم, و سأل الله أن يهديه. فلما أذن للصلاة ذهب الأب للمسجد مصطحباً معه ولده , فرأى جارهم في المسجد يصلى التحية , فانتظر الأب لبعد المكتوبة حتى يحدثه, و حاول أن يكون قريباً منه في الصف. و بعد الصلاة و الأذكار قال لولده أن يجلس ليراجع محفوظه من كتاب الله ثم ذهب الأب إلى الجار يحيه فرد التحيه فاستأذنه في بضع دقائق من وقته فسمح له على الرحب و السعة. ثم حدثه..... الأب : كيف حالك يا جاري الطيب؟ الجار : بخير و الحمد لله. الأب : و كيف أولادك؟ الجار : لا بأس بهم الحمد لله. الأب: لعلهم بخير , فمالي لا أراهم في المسجد. الجار: هم صغار و أنت تعرف الأطفال يحبون اللعب. تذكر الأب أن الكبير تقريباً في الجامعة و الصغير من عمر ولده في العاشرة. الأب : هل الكبير في الجامعة بعد؟ الجار : لا , العام القادم إن شاء الله. الأب: فهو ليس صغير إذن للعب. الجار: أعنى يلعب الكرة مع أصحابه. الأب: وقت الصلاة يلعب الكرة. الجار"يضحك": يا راجل بكرة يكبر و يصلى في المسجد. الأب: لكن الله أمر بالصلاة على كل بالغ و النبي صلى الله عليه و سلم أمرنا بتعليمهم في السابعة و ضربهم عليها في العاشرة. الجار: صلى الله عليه و سلم, أعمل إيه ولد قليل التربية. الأب: و من رباه؟ و من أدبه؟ ففهم الجار مراده. الأب أردف قائلاً: يا جاري الطيب, أولادك نعمه أنعم الله بها عليك , فلا تفرط فيها. و أمسك بيد جاره , فقد علم أنه لا يضربهم للصلاة إنما لامور أخرى. الأب: كم من عقيم يتمنى الولد؟ كم من أب عنده ولد معوق؟ كم من أب مات ولده؟ أولادك نعمه فقبل أن ترفع يديك علي أولادك لأنهم عصوك تذكر أنه سيرفع عملك إلى الله جل و علا و سيسألك عنهم يوماً لأنك عصيته فيهم. فما أحسنت تربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة , و ما أحسنت معاملتهم , و ما رحمتهم بل قسوة عليهم و ضربتهم و أهملت صلاتهم و علاقتهم بالله جل و علا. يا جاري المحترم...إذا أنت مت الساعة فما هو عذرك عند الله؟ ولدي الجامعي صغير. و ولدي الأخر صغير لا يعقل!!! يا جاري إذا مات ولدك الساعة فكيف بالله عليك ستضعه في القبر و أنت تعلم عاقبته...و أنت السبب , لأنك أهملته , بل و عاونته على ما كان عليه , من شراء المجلات الهابطة و مشاهدة البرامج الفاجرة و المسلسلات الساقطة و الأفلام المجرمة و شراء الأغاني اللاهية عن ذكر الله و إضاعة الأوقات في معصية الله و عدم شغل وقته بما ينفعه في الدنيا أو الآخرة. قبل أن ترفع يدك على أولادك ارفع الغشاوة عن عينيك و الغضب الشيطاني عن قلبك. و انظر بعين الخبرة و المقدتي برسول الله صلى الله عليه و سلم. قبل أن ترفع يدك على أولادك تذكر أن ضربك لهم تأديب و ليس تعذيب و تتجنب الوجه و تتقي الله فيهم. قبل أن ترفع يدك على أولادك تذكر أنهم سيكبرون إن أحسنت إليهم أحسنوا إليك و إلى أولادهم و إذا أسأت إليهم ربما يخرج منهم قليل العقل فيعاملك في كبرك بمعاملتك له في صغره , و زد على هذا أنهم ربما اقتدوا بك فصار الولد اب و صار لا يعرف كيف يربي ولده إلا على الضرب , فيخرج جيل لا يرحم الصغير و لا يوقر الكبير و لا يعرف حقوق الله عليه و لا يعلم عن دين الله إلا رسمه. فاتق الله فيهم , تلك النعمة قد تكون سبب عتقك من النار لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :" كل ابن آدم ينقطع عمله إلا من ثلاث" ...و ذكر منهم "و ولد صالح يدعو له" بل و كل شئ تعلمه إياه في ميزانك , لقوله صلى الله عليه و سلم : الدال على الخير كفاعله. و كذلك كل شئ هو يعلمه لزوجته و أولاده و من حوله في ميزانك لا ينقص من آجره شئ. و رحمتك إياه قد تكون رحمه لك لقوله صلى الله عليه و سلم: ارحموا من الأرض يرحمكم من في السماء. قبل أن ترفع يدك على أولادك ارفع عنهم الجهل بالله جل و علا قال الله مبلغاً عن لقمان: يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. فعلمه التوحيد و عرفه بربه و بنيه صلى الله عليه و على أله و صحبه و سلم و أمور دينه و دنياه و تابعه و صاحبه ليصاحبك في الدنيا معروفا. ثم تبسم الأب و قال لجاره : أزعجتك؟! قال الجار: لا و الله بل أيقظتني من غفوة الجهل و التخبط, لا إله إلا الله , اللهم اغفر لي و ارحمنى , و الله يا أخي لساني يعجز عن شكرك , جعلها الله جلسه في ميزان حسناتك. الأب يمسك بكتف صاحبه و يقول له: أيها الأخ الكريم الدين النصيحة , و كلنا بحاجة إلى من يذكرنا بالله, فلا تنسني من دعائك. و مرت أيام و سنين بعد هذه الجلسة الصالحة و حسنت سيرة الجار و صلح الله أولاده و صاروا دعاة إلى دين الله . ثم جاء يوم سماع خبر وفاة هذا الأب الكريم "صاحب الحوار"فاسرع جاره يستأذن أهله بتغسيله فوافقوا لحسن العشرة بينهم بعد ذاك اليوم في المسجد. ثم تقدم إمام المسجد ليصلى على أبوه صلاة الجنازة, نعم لقد صار الولد الصغير رجل من علماء المسلمين و نظر خلفه ليسوى الصفوف ليجد المسجد قد امتلاء بالرجال و الشباب و الأطفال و في قسم النساء عرف من أمه و زوجته و ابنته فيما بعد أنه كان عن آخره. بل و لقد اغلق الطريق المؤدي إلى المسجد لازدحام الناس عليه لصلاة الجنازة على هذا الأب الذي طالما دعى إلى الله على بصيرة بدينه و بالدعوة إليه و أمر بالمعروف و نهى عن المنكر و طالما أجهد نفسه في إصلاح بيوت المسلمين و تحذير الناس من البدع و الخرافات و الغلو و مكائد الشيطان و مكائد أعداء الإسلام. و كان أخر عهده مؤذناً للصلاة بالمسجد فافتقد الناس صوته جداً, ثم طلب الناس من جاره أن يرفع الأذان بعد ذلك ليذكرهم بصاحبه رحمه الله. الحمد لله و إنا لله و إنا إليه راجعون اللهم أجرنا في مصيبتنا و أخلف لنا خيراً منها. |
| |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:34 pm | |
| الطفل الداعية
حسام العيسوي إبراهيم
بسم الله الرحمن الرحيم
كثير من المسلمين يغفلون عن تربية أولادهم التربية الصحيحة ، ومن هذه الأشياء التي يغفلون عنها هذا الجانب المهم من جوانب تربية الأولاد وهو كيف نربي الطفل الداعية ؟ فكثير من المسلمين يهتمون بتعليم أولادهم مظاهر الرقي والرفاهية الحديثة ، في المأكل والمشرب ، في طريقة الجلوس ، في كيفية المشي ، وفي كيفية الكلام فيما يسمونه ( فن الإيتيكيت ) . وكثير منهم يهمه في المقام الأول أن يكون ولده نسخه كربونية منه فقد يكون الأب طبيباً أو مهندساً فيكون هدف الأب والأم أن يكون الطفل مثل أبيه أو مثل أمه . ومنهم من يتطلع إلى شخصية في المجتمع فتعجبه هذه الشخصية سواء في شهرتها ، أو في عملها أو في وجاهتها فيحب أن يرى ابنه مثل ما تَطَلَّعَ إليه . ولكن من المسلمين من يربي ابنه كداعية ، ونقصد بكون الطفل داعية أن يربى الطفل على حب الدعوة إلى الله فهي نابعة من محبته لله – عزوجل – ولرسوله – صلى الله عليه وسلم – فيتمثل الطفل منذ صغره بمهمة الدعوة إلى الله بأن يكون داعية في مظهره ، وفي جوهره ، ترى أثر الدعوة في عباراته ، وفي قسمات وجهه ، في مأكله ، وفي مشربه ، وفي كل أموره وإذا تتبعنا آيات القرآن الكريم لوجدنا أن القرآن يهتم بإبراز هذا النوع من التربية ، ويدعو الآباء والمربين على تربية أولادهم على أن يكونوا دعاة إلى الله – عزوجل – ويذكر بعض النماذج لتحفيز الآباء والمربين على تربية أولادهم ليكونوا مثل هذه النماذج ؛ ومن هذه النماذج غلام الأخدود هذا الطفل الذي ذكره الله – عزوجل – نموذجا يتلى إلى يوم القيامة في الصبر والتضحية في سبيل الله رغم صغر السن فالمرء بأصغريه قلبه ولسانه .
قال تعالى : " قتل أصحاب الأخدود (4)النار ذات الوقود (5) إذ هم عليها قعود (6)وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود (7) وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد(8) " . [البروج ]. وها هو النبي – صلى الله عليه وسلم – يربي أطفال المسلمين على أن يكونوا دعاة إلى الله عزوجل منذ صغر سنهم . فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام ، وعن يساره الأشياخ فقال للغلام : أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال الغلام : لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده [ متفق عليه ] وفي غزوة أحد لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أحد وعرض أصحابه فرد من استصغر رد سمرة بن جندب وأجاز رافع بن خديج فقال سمرة بن جندب لربيبه مري بن سنان يا أبت أجاز رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رافع بن خديج وردني وأنا أصرع رافع بن خديج فقال مري بن سنان يا رسول الله رددت ابني وأجزت رافع بن خديج وابني يصرعه فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لرافع وسمرة تصارعا فصرع سمرة رافعا فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدها مع المسلمين.
وها هو زيد بن أرقم يكشف زيف المنافقين رغم صغر سنه قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله : “هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون(7) يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون(8)” سورة (المنافقون). نزلت هذه الآية في زيد بن أرقم رضي الله عنه، حيث ذهب بعض المفسرين إلى أن الآية نزلت تصديقاً لهذا المسلم الذي ينتمي للأنصار الذين استقبلوا المهاجرين أفضل استقبال، وقدموا لهم المال والأنفس، وقد نشأ إبن أرقم في كنف الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة – رضي الله عنه .
وهكذا تعلم السلف الصالح من نبيهم – صلى الله عليه وسلم – فها هو عمر بن عبد العزيز دخل وفود المهنئين من مختلف البلاد عليه _ وهو أحد خلفاء المسلمين _في أول خلافته_فتقدم للكلام من أحد وفود الحجاز غلام صغير لم تبلغ سنة إحدى عشرة سنة فقال له عمر : ارجع وليتقدم من هو أسن منك . فقال الغلام : أيد الله أمير المؤمنين . المرء بأصغريه: قلبه ولسانه ،فإذا منح الله العبد لسانا لافظا،وقلبا حافظا ،فقد استحق الكلام، ولو أن الأمور _ يا أمير المؤمنين _ بالسن لكان في الأمة من هو أحق منك مجلسك هذا فقربه عمر واستمع لحديثه. وما زال أطفال المسلمين يسطرون بدمائهم مواقف الشجاعة والإقدام والتضحية في أرض الرباط فلسطين يقفون أمام أسلحة العدو بصدورهم فهيا نربي أولادنا على أن يكونوا دعاة إلى الله
حسام العيسوي إبراهيم | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:39 pm | |
| | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:51 pm | |
| | |
| | | أمة الأمة المديره
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) الخميس نوفمبر 03, 2011 2:56 pm | |
| أسرة ناجحة
فيصل العرادي
بسم الله الرحمن الرحيم
في رمضان عام 1430هـ قدمت قناة المجد برنامجا متميزا في فكرته وطرحه وهو برنامج (أسرة واحدة ) وكانت فكرته تدور حول التقاء عدد من الأسر التي حققت نجاحا على المستوى الاجتماعي من حيث الألفة والتكاتف بين أفراد الأسرة وكذلك على المستوى العلمي من حيث الدرجات العلمية العالية والمساهمات العلمية الملموسة لأغلبهم .
وفي الحقيقة يجد المتأمل في واقع هذه الأسر الناجحة عاملا مشتركا فيما بينها ألا وهو حرصها واهتمامها على (الاجتماع الأسري) في يوم محدد في الأسبوع لمناقشه المشاكل والقضايا التي تهم الأسرة ككل . وفي رأي أن هذه الإستراتيجية المستخدمة في التربية ساهمت بعد توفيق الله عز وجل في نجاح الأسرة وتميزها عن غيرها من الأسر ، وذلك لأنه لا يخفى على عاقل الفوائد العظيمة التي تجنى من هذه الاجتماعات الأسرية ومنها على سبيل الذكر لا الحصر : - تساعد في حل الكثير من المشكلات بين أفراد الأسرة أو المشكلات التي يواجهونها خارج نطاق الأسرة. - يتعلم أفراد الأسرة من خلالها مهارات التواصل الفعال مع بعضهم البعض. - تساعد في تعليم التعاون بين أفراد الأسرة. - تساعد في تعليم الاحترام المتبادل. - تنمي الابتكار والإبداع من خلال إتاحة الفرصة لإيجاد الحلول والمقترحات. - تساعد في التعبير عن المشاعر بكل شفافية ووضوح. - تساعد في تعلم فن الحوار وآدابه. - تساعد كذلك في تعليم تحمل المسؤولية في اتخاذ القرارات وتنفيذها. - ولعل أهم فائدة بنظري من هذه الاجتماعات هو تحقيق الترابط والتقارب بين جميع أفراد الأسرة.
وحتى تكون هذه الاجتماعات الأسرية فعالة وناجحة فإليك أخي الكريم بعض القواعد الأساسية التي يجب إتباعها عند الرغبة في عقد هذه الاجتماعات : 1- تحديد موعد ثابت ومنتظم لهذا الاجتماع ويفضل أن يكون مرة واحدة في الأسبوع ، ويجب الحرص على مراعاة وقت الفراغ المناسب لكل فرد من أفراد الأسرة . 2- إعداد جدول لهذا اللقاء بحيث يتضمن القضايا والأمور التي سيتم مناقشتها وطرح الآراء حولها. 3- احرص في بداية كل اجتماع على استعمال عبارات المدح والثناء والتشجيع لكل فرد من أفراد الأسرة. 4- إذا كانت أسرتك كبيرة فعليك بتعين رئيس لكل اجتماع وتكون مهمته الإعلان عن بدء الاجتماع ، وقراءة البنود ، التي سيتم مناقشتها ، وكذلك تنظيم الأشخاص الذين يريدون التحدث . وكذلك يجب تعيين احد افراد الأسرة ليقوم بمهمة تسجيل الملاحظات والاقتراحات ووضع دوائر حول ما تم الموافقة عليه من تلك المقترحات. 5- إذا كانت المشكلة أو الموضوع متعلق بجميع أفراد الأسرة فهنا لابد من التصويت على جميع المقترحات المقدمة والحصول على موافقة الأغلبية وذلك قبل القيام بالتنفيذ. 6- إذا كانت المشكلة خاصة بفرد من أفراد الأسرة فهنا يمكنه الاختيار من بين الحلول المقترحة والمقدمة من باقي أفراد الأسرة. 7- يجب الإصغاء إلى كل فرد من أفراد الأسرة وعدم مقاطعته حتى ينتهي من كلامه . 8- احرص على ان يتضمن جدول الاجتماع على فقرات تسليه ومرح ويفضل ان تكون في آخر اللقاء.
واليك أخي الكريم بعض الملاحظات التي يجب تؤخذ بعين الاعتبار وهي :- حتى تصبح هذه الاجتماعات الأسرية ناجحة فهي تحتاج إلى وقت . - اعلم أخي الكريم ان هذه الاجتماعات لن تصل إلى حد الكمال. - اجعل شعارك في هذه الاجتماعات (أنصت ثم أنصت ثم أنصت). - لا تنتقد أي مشاركة مهما كانت لان ذلك يجرح مشاعر الشخص وتحرجه. بل تعامل مع كل رأي بشكل جدي ودون تهميش. - ابتعد عن أسلوب القاء المحاضرات والأوامر. - تذكر مبدأ المرونة في جدول الأعمال للاجتماع.
وأخيرا تذكر أخي الكريم أن الفوائد التي نرجوها من هذه الاجتماعات هي بعيدة المدى ولذا فهي تحتاج إلى جهد وصبر ولك في برنامج أسرة واحدة دليل على ذلك.
والله الموفق | |
| | | | أسرة العريفي في موضوع ( تربية الابناء ) | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |