الثبات فـــى زمـــــن الفـــتن
عن أنس ابن مالك قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمانٌ الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر) . رواه الترمزي وصححه الألباني
عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويل للعرب من شر قد اقترب فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر. "أو قال على الشوك قال حسن في حديثه خبط الشوكة." رواه أحمد
عن أبي ثعلبة الخشني قال:
: . . . . . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . . . . . فإن من ورائكم أيام الصبر, الصبر فيهن مثل القبض على الجمر, للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ( رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن غريب وأبو داود وزاد قيل يا رسول الله أجر خمسين رجلا منا أو منهم قال بل أجر
خمسين منكم اي من صحابة النبي ) ) صححه الألباني وقال صحيح لغيره
- ( مكان النقاط فقرات ضعيفة حذفت )
عن عتبة ابن غزوان :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من ورائكم أيام الصبر , للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر
خمسين منكم قالوا : يا نبي الله أو منهم ؟ قال : بل منكم " . أخرجه ابن نصر في " السنة " وصححه الأالباني
عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: حَدّثَنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الاَخَرَ. حَدّثَنَا "أَنّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرّجَالِ. ثُمّ نَزَلَ الْقُرْآنُ. فَعَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ وَعَلِمُوا مِنَ السّنّةِ". ثُمّ حَدّثَنَا عَنْ رَفْعِ الأَمَانَةِ قَالَ: "يَنَامُ الرّجُلُ النّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ. فَيَظَلّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ، ثُمّ يَنَامُ النّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ. فَيَظَلّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ. كَجَمْرٍ دَحْرَجَتْهُ عَلَى رِجْلِكَ) فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ (ثُمّ أَخَذَ حَصىً فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ) فَيُصْبِحُ النّاسُ يَتَبَايَعُونَ. لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدّي الأَمَانَةَ حَتّى يُقَالَ: إِنّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينا. حَتّى يُقَالَ لِلرّجُلِ: مَا أَجْلَدَهُ مَا أَظْرَفَهُ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ".
وَلَقَدْ أَتَى عَلَيّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيّكُمْ بَايَعْتُ. لَئِنْ كَانَ مُسْلِما لَيَرُدّنّهُ عَلَيّ دِينُهُ. وَلَئِنْ كَانَ نَصْرَانِيّا أَوْ يَهُودِيّا لَيَرُدّنّهُ عَلَيّ سَاعِيهِ. وَأَمّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ لأُبَايِعَ مِنْكُمْ إِلاّ فُلاَنا وَفُلاَنا.(( متفق عليه )) وأما الأمانة فالظاهر أن المراد بها التكليف الذي كلف الله تعالى به عباده والعهد الذي أخذه عليهم. قال الإمام أبو الحسن الواحدي رحمه الله في قول الله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال} قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي الفرائض التي افترضها الله تعالى على العباد. وقال الحسن: هو الدين والدين كله أمانة. وقال أبو العالية: الأمانة ما أمروا به وما نهوا عنه. وقال مقاتل: الأمانة الطاعة. قال الواحدي: وهذا قول أكثر المفسرين، قال: فالأمانة في قول جميعهم الطاعة والفرائض التي يتعلق بأدائها الثواب وبتضييعها العقاب والله أعلم. وقال صاحب التحرير: الأمانة في الحديث هي الأمانة المذكورة في قوله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة} وهي عين الإيمان، فإذا استمكنت الأمانة من قلب العبد قام حينئذٍ بأداء التكاليف واغتنم ما يرد عليه منها وجد في إقامتها والله أعلم.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (فيظل أثرها مثل الوكت) فهو بفتح الواو وإسكان الكاف وبالتاء المثناة من فوق وهو الأثر اليسير، كذا قاله الهروي، وقال غيره: هو سواد يسير، وقيل: هو لون يحدث مخالف للون الذي كان قبله.
معنى الحديث: أن الأمانة تزول عن القلوب شيئا فشيئا، فإذا زال أول جزء منها زال نورها وخلفته ظلمة كالوكت وهو اعتراض لون مخالف للون الذي قبله، فإذا زال شيء آخر صار كالمجل وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة، وهذه الظلمة فوق التي قبلها. ثم شبه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب وخروجه بعد استقراره فيه واعتقاب الظلمة إياه بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر ويبقى التنفط. وأخذه الحصاة ودحرجته إياها أراد بها زيادة البيان وإيضاح المذكور، والله أعلم.
وأما قول حذيفة رضي الله عنه: (ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلما ليردنه علي دينه، ولئن كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه على ساعيه، وأما اليوم فما كنت لأبايع إلا فلانا وفلانا) فمعنى المبايعة هنا البيع والشراء المعروفان، ومراده أني كنت أعلم أن الأمانة لم ترتفع، وأن في الناس وفاء بالعهود، فكنت أقدم على مبايعة من اتفق غير باحث عن حاله وثوقا بالناس وأمانتهم، فإنه إن كان مسلما فدينه وأمانته تمنعه من الخيانة وتحمله على أداء الأمانة، وإن كان كافرا فساعيه وهو الوالي عليه كان أيضا يقوم بالأمانة في ولايته فيستخرج حقي منه، وأما اليوم فقد ذهبت الأمانة، فما بقي لي وثوق بمن أبايعه، ولا بالساعي في أدائهما الأمانة، فما أبايع إلا فلانا وفلانا، يعني أفرادا من الناس أعرفهم وأثق بهم. قال صاحب التحرير والقاضي عياض رحمهما الله: وحمل بعض العلماء المبايعة هنا على بيعة الخلافة وغيرها من المعاقدة والتحالف في أمور الدين
عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنّا عِنْدَ عُمَرَ. فَقَالَ: أَيّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْفِتَنَ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: نَحْنُ سَمِعْنَاهُ. فَقَالَ: لَعَلّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ؟ قَالُوا: أَجَلْ. قَالَ: تِلْكَ تُكَفّرُهَا الصّلاَةُ وَالصّيَامُ وَالصّدَقَةُ. وَلَكِنْ أَيّكُمْ سَمِعَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْفِتَنَ الّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ. فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ: أَنْتَ، لله أَبُوكَ!
قَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
"تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودا عُودا. فَأَيّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ. وَأَيّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ. حَتّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْل الصّفَا. فَلاَ تَضُرّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ. وَالاَخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادا كَالْكُوزِ مُجَخّيا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرا. إِلاّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ".
قَالَ حُذَيْفَةُ: وَحَدّثْتُهُ، أَنّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابا مُغْلَقا يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ. قَالَ عُمَرُ: أَكَسْرا لاَ أَبَا لَكَ! فَلَوْ أَنّهُ فُتِحَ لَعَلّهُ كَانَ يُعَادُ. قُلْتُ: لاَ، بَلْ يُكْسَرُ. وَحَدّثْتُهُ، أَنّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ. حَدِيثا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ.
قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِسَعْدٍ: يَا أَبَا مَالِكٍ مَا أَسْوَدُ مُرْبَادّا؟ قَالَ: شِدّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ. قَالَ، قُلْتُ: فَمَا الْكُوزُ مُجَخّيّا؟ قَالَ: مَنْكُوسا.(( رواه مسلم ))وقوله: (فتنة الرجل في أهله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة) قال أهل اللغة: أصل الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان والاختبار. قال القاضي: ثم صارت في عرف الكلام لكل أمر كشفه الاختبار عن سوء. قال أبو زيد: فتن الرجل يفتن فتونا إذا وقع في الفتنة وتحول من حال حسنة إلى سيئة. وفتنة الرجل في أهله وماله وولده ضروب من فرط محبته لهم وشحه عليهم وشغله بهم عن كثير من الخير كما قال تعالى: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} أو لتفريطه بما يلزم من القيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم، فإنه راع لهم ومسؤول عن رعيته، وكذلك فتنة الرجل في جاره من هذا، فهذه كلها فتن تقتضي المحاسبة. ومنها ذنوب يرجى تكفيرها بالحسنات كما قال تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات}.
وقوله: (التي تموج كما يموج البحر) أي تضطرب ويدفع بعضها بعضا، وشبهها بموج البحر لشدة عظمها وكثرة شيوعها.
وقوله: (فأسكت القوم) وإنما سكت القوم لأنهم لم يكونوا يحفظون هذا النوع من الفتنة وإنما حفظوا النوع الأول.
وقوله: (لله أبوك) كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها، فإن الإضافة إلى العظيم تشريف ولهذا يقال: بيت الله، وناقة الله. قال صاحب التحرير: فإذا وجد من الود ما يحمل قيل له: لله أبوك حيث أتى بمثلك.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا) معناه تظهر على القلوب فتنة بعد أخرى. وقوله: كالحصير أي كما ينسج الحصير عودا عودا، وذلك أن ناسج الحصير عند العرب كلما صنع عودا أخذ آخر ونسجه، فشبه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحدا بعد واحد.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء) معنى أشربها دخلت فيه دخولاً تاما وألزمها وحلت منه محل الشراب. ومنه قوله تعالى: {وأشربوا في قلوبهم العجل} أي حب العجل، ومنه قولهم: ثوب مشرب بحمرة أي خالطته الحمرة مخالطة لا انفكاك لها. ومعنى نكت نكتة نقط نقطة وهي بالتاء المثناة في آخره، قال ابن دريد وغيره: كل نقطة في شيء بخلاف لونه فهو نكت، ومعنى أنكرها ردها، والله أعلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والاَخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه) قال القاضي عياض رحمه الله: ليس تشبيهه بالصفا بيانا لبياضه، لكن صفة أخرى لشدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل، وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه كالصفا وهو الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء. قوله كالكوز مجخيا وصف آخر من أوصافه بأنه قلب ونكس حتى لا يعلق به خير ولا حكمة، ومثله بالكوز المجخي وبينه بقوله: لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا. قال القاضي رحمه الله: شبه القلب الذي لا يعي خيرا بالكوز المنحرف الذي لا يثبت الماء فيه.
معنى الحديث
أن الرجل إذا تبع هواه وارتكب المعاصي دخل قلبه بكل معصية يتعاطاها ظلمة، وإذا صار كذلك افتتن وزال عنه نور الإسلام والقلب مثل الكوز، فإذا انكب انصب ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك.
قوله: حدثته أن بينك وبينها بابا مغلقا يوشك أن يكسر، قال عمر رضي الله عنه: أكسرا لا أبا لك؟ فلو أنه فتح لعله كان يعاد.
أما قوله: أن بينك وبينها بابا مغلقا فمعناه أن تلك الفتن لا يخرج شيء منها في حياتك.
وقوله: أكسرا أي أيكسر كسرا، فإن المكسور لا يمكن إعادته بخلاف المفتوح، ولأن الكسر لا يكون غالبا إلا عن إكراه وغلبة وخلاف عادة.
وقوله: لا أبالك، قال صاحب التحرير: هذه كلمة تذكرها العرب للحث على الشيء، ومعناها أن الإنسان إذا كان له أب وحز به أمر ووقع في شدة عاونه أبوه ورفع عنه بعض الكل، فلا يحتاج من الجد والاهتمام إلى ما يحتاج إليه حالة الانفراد وعدم الأب المعاون، فإذا قيل: لا أبالك فمعناه جد في هذا الأمر وشمر وتأهب تأهب من ليس له معاون، والله أعلم.
قوله: وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثا ليس بالأغاليط، أما الرجل الذي يقتل فقد جاء مبينا في الصحيح أنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقوله: يقتل أو يموت يحتمل أن يكون حذيفة رضي الله عنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم هكذا على الشك، والمراد به الإبهام على حذيفة وغيره، ويحتمل أن يكون حذيفة علم أنه يقتل ولكنه كره أن يخاطب عمر رضي الله عنه بالقتل، فإن عمر رضي الله عنه كان يعلم أنه هو الباب، كما جاء مبينا في الصحيح أن عمر كان يعلم من الباب كما يعلم أن قبل غد الليلة فأتى حذيفة رضي الله عنه بكلام يحصل منه الغرض مع أنه ليس إخبارا لعمر بأنه يقتل.
وأما قوله: حديثا ليس بالأغاليط فهي جمع أغلوطة وهي التي يغالط بها، فمعناه حدثته حديثا صدقا محققا ليس هو من صحف الكتابيين ولا من اجتهاد ذي رأي، بل من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، والحاصل أن الحائل بين الفتن والإسلام عمر رضي الله عنه وهو الباب، فما دام حيا لا تدخل الفتن، فإذا مات دخلت الفتن وكذا كان، والله أعلم.
من صحيح مسلم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبا. فَطُوبىَ لِلْغُرَبَاءِ".
عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا كَمَا بَدَأَ. وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيّةُ فِي جُحْرِهَا".
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيّةُ إِلَى جُحْرِهَا".
وأما معنى طوبى فاختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: {طوبى لهم وحسن مآب} فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معناه فرج وقرة عين.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "بين المسجدين" أي مسجدي مكة والمدينة.
وأما معنى الحديث
فقال القاضي عياض رحمه الله في قوله غريبا: روى ابن أبي أويس عن مالك رحمه الله أن معناه في المدينة، وأن الإسلام بدأ بها غريبا وسيعود إليها. قال القاضي: وظاهر الحديث العموم، وأن الإسلام بدأ في آحاد من الناس وقلة ثم انتشر وظهر، ثم سيلحقه النقص والإخلال حتى لا يبقى إلا في آحاد وقلة أيضا كما بدأ وجاء في الحديث تفسير الغرباء وهم النزاع من القبائل. قال الهروي: أراد بذلك المهاجرين الذين هجروا أوطانهم إلى الله تعالى.
قال القاضي: وقوله صلى الله عليه وسلم: "وهو يأرز إلى المدينة" معناه أن الإيمان أولاً وآخرا بهذه الصفة، لأنه في أول الإسلام كان كل من خلص إيمانه وصح إسلامه أتى المدينة إما مهاجرا مستوطنا وإما متشوقا إلى رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم ومتعلما منه ومتقربا ثم بعده، هكذا في زمن الخلفاء كذلك. ولأخذ سيرة العدل منهم، والإقتداء بجمهور الصحابة رضوان الله عليهم فيها، ثم من بعدهم من العلماء الذين كانوا سرج الوقت وأئمة الهدى لأخذ السنن المنتشرة بها عنهم، فكان كل ثابت الإيمان منشرح الصدر به يرحل إليها، ثم بعد ذلك في كل وقت إلى زماننا لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك بمشاهده وآثاره وآثار أصحابه الكرام، فلا يأتيها إلا مؤمن، هذا كلام القاضي، والله أعلم بالصواب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
-(( ليغشين أمتي من بعدي فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا قليل )) . اخرجه الحاكم وصححه الالبانى
-(( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم. يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا. أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا. يبيع دينه بعرض من الدنيا))". رواه مسلم
- ((إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم. يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا. ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا. القاعد فيها خير من القائم . والقائم فيها خير من الماشي. والماشي فيها خير من الساعي. فكسروا قسيكم، وقطعوا أو تاركم، واضربوا بسيوفكم الحجارة. فإن دخل على أحدكم ، فليكن كخير ابني آدم)). رواه ابن ماجة
((صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ))] . ( صحيح ) .
((يكون في هذه الأمة في آخر الزمان رجال معهم سياط كأنها أذناب البقر ، يغدون
في سخط الله و يروحون في غضبه ))" رواه احمد
و في رواية: " فإياك أن تكون من بطانتهم